ذكرت صحيفة "هآرتس" العبرية، أول من أمس، أن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو يقوم حاليًا بإعداد حزمة من "النوايا الحسنة" للسلطة الفلسطينية، والتي أبلغ بها أعضاء ما يسمى "المجلس الوزاري المصغر"، وذلك استجابة لطلب الإدارة الأمريكية الجديدة.
التصريحات الإسرائيلية خصت التسهيلات بالضفة الغربية فقط مستثنية مدينة القدس المحتلة والتي تعيش هجمة شرسة في اليومين الأخيرين، وكذلك قطاع غزة المحاصر منذ قرابة 11 عاماً، فماذا تُحضر (إسرائيل) للضفة الغربية؟
تمويه
عضو الائتلاف من أجل القدس، محمد جاد الله، يرى أن تصريحات نتنياهو لا تتجاوز كونها دعاية إعلامية يبثها في سياق حملة علاقات عامة هدفها تضليل الرأي العام العالمي وحرفه عما تقوم به سلطات الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وقال جاد الله في حديث هاتفي مع صحيفة "فلسطين": "للأسف إن مثل هذه التصريحات تجد من يسوق لها ويتبناها بل ويبيعها للفلسطينيين من جديد"، عازيًا استثناء القدس من حزمة التسهيلات إلى أن "الاحتلال يريد أن يخبر العالم بأن المدينة المحتلة هي جزء من كيانه وأنها تعيش في امتيازات كونها جزءًا من الدولة العبرية".
وتابع: "وطبعًا هذا تضليل ومحض افتراء ولا علاقة له بواقع الحال في داخل مدينة القدس، والتي تعيش تحت احتلال همجي يقتل ليس لمجرد الشك وإنما كل من يأتي بأي حركة مثل الشهيد أحمد غزال (استشهد السبت الماضي)".
وأكد أن خطاب نتنياهو هو خطاب مزيف، وأن القدس تعاني بسبب الاحتلال الكثير، وتتعرض وأهلها لكل أنواع المضايقات بدءًا من اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى، مرورًا بالضرائب الباهظة على السائقين المقدسيين وأصحاب المحال التجارية المقدسية وجميعها دون وجه حق.
وبين أن صورة الاحتلال الإسرائيلي أمام العالم بشعة وما يقوم به من تهويد واستيطان وتعديات تزيد صورته قبحًا، ولا يمكن التخفيف من ذلك بحزمة يمكن سحبها في أي لحظة وتحت أي ذريعة.
واعتبر أن ما يروجه نتنياهو بالحديث عن التسهيلات للفلسطينيين ما هو إلا "ترويج لبضاعة فاسدة، وأن كل القطاعات الحكومية تعاني بسبب الاحتلال سواء على مستوى الصحة أو التعليم أو غيرهما".
وقال جاد الله: "في القدس المحتلة شارع يسكنه فلسطينيون ويهود ولكل أناس حاويات للنفايات تخصهم، حيث تأتي سيارة البلدية المختصة لتمر مرتين يوميًا لتفرغ حاويات اليهود، بينما تمر مرتين أسبوعيًا لتفريغ حاويات الفلسطينيين، متسائلًا:" عن أي تسهيلات يتحدثون؟".
اختلاف في البطاقة
وفي سياق متصل، يرى كمال علاونة أستاذ العلوم السياسية والإعلام في جامعة النجاح الوطنية، أن الاحتلال استثنى القدس على اعتبارها عاصمة له حسب مزاعمه، لا سيما أن هناك اختلافًا في البطاقة بين الضفة الغربية التي يحمل أهلها البطاقة الخضراء، وبين القدس والتي يحمل أهلها الهوية الزرقاء.
وقال علاونة في حديث لصحيفة "فلسطين": "إن نتنياهو من الذين ينادون بالسلام الاقتصادي، والتسهيلات التي يطرحها لن تتجاوز حدود منح تصاريح عمل لعمال فلسطينيين الهدف من استجلابهم إنعاش الاقتصاد الإسرائيلي".
وأضاف: "يرمي الاحتلال إلى أن يلهي الناس بلقمة عيشهم، وبالتالي لا يلتفون إلى مقاومته، وهو يعتقد أن تفشي البطالة سيدفع الفلسطينيين إلى الثورة وضرب مصالحه في كل مكان".
وأشار إلى أن جملة التسهيلات التي يدور الحديث حولها، هي مجرد إجراءات شكلية في أي لحظة يحدث فيها أي أمر أمني مهما كان بسيطًا أو حتى اشتباه يتم سحبها، فضلًا عن أن الاحتلال يحاول أن يغطي على أعمال الاستيطانية والتهويدية المستمر في الأراضي الفلسطينية، إضافة إلى ابتلاع المزيد من الأراضي.
وقال: "من يريد أن يقدم حزمة تسهيلات للفلسطينيين هو نفسه من يقوم بحصارهم ويتغول في ابتلاع أراضيهم، وقتل أبنائهم دون أي ذريعة"، مشددًا على أن الشعب الفلسطيني يريد حقه في أرضه بما يشمل إجلاء المستوطنين والمستوطنات عنها.
وبحسب تقديرات علاونة فإن ترامب لا يعي حقيقة هذه التسهيلات التي تقدمها (إسرائيل)، والتي قد تشمل رفع بعض الحاجز عن مداخل المدن الرئيسة مع إبقائها على مداخل القدس المحتلة وفي الحالتين فإن ما يقوم به الاحتلال هو مجرد إجراء شكلي.
"ذر للرماد في العيون"
من جانبه، اعتبر رئيس اتحاد جمعيات حماية المستهلك الفلسطيني عزمي الشيوخي, تصريحات نتنياهو حول تقديم رزمة من التسهيلات الاقتصادية للفلسطينيين "ذر للرماد في العيون"، ومحاولة يائسة لتثبيت وجود الاحتلال والمستوطنات فوق الأرض الفلسطينية.
وقال الشيوخي في تصريح صحفي، أمس: إن هذه التصريحات بمثابة سعي من قبل نتنياهو لتجميل الوجه القبيح للاحتلال أمام العالم وللخروج من العزلة الدولية.
وأكد أن هذه التسهيلات الاقتصادية المزعومة يجب أن تكون في إطار الحرية الكاملة للشعب الفلسطيني في الحياة والتصرف الحر بأرضنا وثرواتنا المغتصبة من الاحتلال.
وأضاف أن الإجراءات الاحتلالية والاستيطانية، وتجريف الأراضي وحرق المزروعات، وهدم المنازل، وارتكاب المجازر لا تنتهي برزمة تسهيلات مزعومة في ظل الحديث عن نوايا حسنة في الإعلام، وعلى أرض الواقع ترتكب المجازر الدموية والاقتصادية والاجتماعية، وفي شتى نواحي الحياة الفلسطينية.