الأمم المتحدة تحذر (إسرائيل) من النتائج المترتبة على قرار ضم الأغوار. التقرير الذي قدمه ملادينوف يقول إن عملية الضم تعني انتهاء حلِّ الدولتين. وإن الضم يخلق فرصًا كبيرة لعدم الاستقرار في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وعلى دولة (إسرائيل) الامتناع عن القيام بإجراءات أحادية الجانب؟!
تقرير ملادينوف يدعم الموقف الفلسطيني الرافض لمشروع ضم (٣٠٪) من أراضي الضفة الفلسطينية. وفي الوقت نفسه يقدم دعمًا لمواقف الدول الأوروبية الرافضة لمشروع الضم. والأهم من ذلك أن التقرير يعطي السلطة والأردن فرصة قانونية لمعاقبة (إسرائيل)، ولدعم أعمال شعبية وطنية مقاومة لمشروع الضم.
بإمكان السلطة والأردن، والدول العربية ، والإسلامية، الداعمة للموقف الفلسطيني والحقوق الفلسطينية، القيام بأعمال واجتماعات تحاصر الموقف الأميركي، ومن ثمة تعزل تأثيرات قرار ترامب، وتجعله في مواجهة مع دول العالم، ومع القانون الدولي، ومع الأمم المتحدة، وبهذا يمكن إضعاف شهية نتنياهو الذي يتعجل قرار الضم وفرض السيادة في بداية شهر يوليو القادم.
البيئة السياسية والقانونية التي تحيط بمشروع الضم وفرض السيادة، تقول إن مواجهة حقيقية فاعلة ضد مشروع نتنياهو قد يؤدي إلى إفشال المشروع، أو تأجيله، أو تقليص مساحته، وإن غياب المواجهة الحقيقية، والاكتفاء بالمناورات السياسية، والمواقف الإعلامية، كالتي كانت في مسألة نقل السفارة الأميركية للقدس، لن تمنع نتنياهو من مواصلة تنفيذ مشروع الضم والسيادة؛ ذلك أن نتنياهو على أبواب نهاية وجوده قائدًا للدولة، وهو يرغب أن يترك منصبه وقد قام بعمل كبير لم يقُم به غيره، وهو أيضًا لا يريد أن يتركه ليقوم به غيره لاحقًا.
قلنا في مقالات سابقة إن مشروع الضم وفرض السيادة، مشروع كبير، وهو (إسرائيليًّا) قد يخلد اسم من يوقع على قرار التنفيذ في تاريخهم، ونتنياهو يعمل لهذا، وهذا لا يمنع من منافسة غانتس له على هذا الصعيد، ولكن الأخير يرى أنه ما زال في بدايات المشوار السياسي، ولديه فرص أفضل لاحقًا. ومن ثمة فنحن ننظر لقول غانتس أنه إذا قرر الضم والسيادة في بداية مايو دون التشاور معه، فإنه قد ينسحب من الحكومة، ويقود المعارضة، وهذا الموقف لا يبعد عن حقيقة التنافس بين الرجلين في تسجيل هذا الإنجاز الكبير في تاريخه السياسي. ربما كان غانتس أكثر تخوفًا من ردود الأفعال الفلسطينية والعربية من نتنياهو الساحر، ولكنه لم يكن يوما ضد مبدأ الضم وفرض السيادة.
نترك هذين المتنافسين ونعود للسلطة والفصائل، ونقول إن تقرير الأمم المتحدة يعطي فرصة جيدة لهم لإشهار مقاومة فاعلة ونشطة، فور إقرار نتنياهو وحكومته للمشروع في مطلع شهر مايو، والتباطؤ، والتلجلج، واللعب الدبلوماسي خارج دائرة المقاومة النشطة، هو رضوخ ضمني لقرار الضم، وبحث مشبوه عن فرص التعايش؟!