الكل يتحدث عن ضم الأغوار الفلسطينية، لدولة الاحتلال وكانه أصبح حقيقة واقعة لا محالة، وذلك لطول خبرة الفلسطينيين بممارسات الاحتلال الذي لا يردعه عن القيام بأي فعل ما دام لا يوجد ثمن كبير يدفعه.
السؤال هنا وبكل وضوح: ما هي حدود الفعل الفلسطيني، وكيف يمكن احباط عملية الضم ووقف العمل بصفقة القرن، هل هو بإنهاء السلطة ام العودة للمقاومة المسلحة، ام بالثورة الشعبية غير المسلحة، ام ماذا؟! وما هي افضل الطرق والوسائل في ظل هذه المرحلة الحساسة من عمر القضية الفلسطينية.
معروف ان ضم الاغوار، يعني سيطرة الاحتلال على 29% من مساحة الضفة الغربية، حيث تبلغ مساحة الأغوار 720 الف دونم، وهو سلة غذاء ينتج محاصيل زراعية تبلغ مئات ملايين الدولارات تقدر حتى مليارين.
الاحتلال يريد اخضاع أكثر من 70 الف مواطن فلسطيني لحكم الاحتلال مباشرة ، يتوزعون على 27 تجمعا سكانيا من محافظات طوباس وأريحا، وهم لن يحصلوا على هوية زرقاء بل فقط هوية فلسطينية بحسب تصريحات "نتنياهو" الاخيرة، وهذا يعني ان دخول الاغوار والخروج منها سيكون بتصاريح فقط للفلسطينيين اصحاب الارض الشرعيين.
يركز الاحتلال على ضم الاغوار كي يقوم بسرقة حوض المياه الشرقي الذي يحوي 170 مليون متر مكعب من مياه الضفة، فالاحتلال اصلا ينهبها لصالح المستوطنات الزراعية المقامة في الاغوار بقوة السلاح.
كما ان الاحتلال من خلال الضم يريد مصادرة حصة الضفة الغربية من مياه نهر الأردن فالمياه ثورة لا تقدر بثمن ولا تعوض، وسيقوم ببيع الفلسطينيين المياه بأسعار عالية جدا ضمن مخطط الطرد والتهجير المتواصل.
جغرافيا وسياسا من خلال ضم الاحتلال للأغوار فإن هذا يعني فصل الضفة الغربية عن الأردن، وحرمان فلسطين، من أي حدود مع أي دولة مجاورة، بحيث يصبح الاحتلال، محيطا بالأرض الفلسطينية من كل الجهات.
منطقة الأغوار من أكبر مصادر الدخل الاقتصادية، حيث تشكل اراضي الاغوار الزراعية ما نسبته 50% من كافة اراضي الضفة الغربية الزراعية، وفيها السهل الزراعي الثاني في فلسطين التاريخية بعد السهل الساحلي.
كما لا يغيب عنا ان اراضي الاغوار هي الملاصقة بشاطئ البحر الميت، والتي فيها المناطق السياحية والأملاح كثروة اقتصادية وعلاجية.
ولا يخفى ان دولة الاحتلال من خلال سيطرتها على الاغوار تريد تحويلها لمنطقة امنية عسكرية، كما ذكر في صفقة القرن، وهذا يشكل خطرا على سيادة الاردن أيضا وعلى أجزاء من أراضيه، وهو ما يجدد مخاوف الاردن من سعي الاحتلال لجعل الاردن الوطن البديل للفلسطينيين، كما جاء في كتاب "مكان تحت الشمس" ل "نتنياهو".
في كل الاحوال، الخطوة القادمة من قبل الفلسطينيين وردة الفعل، هي المطلوبة على ان تكون مدروسة بعناية، والثمن مهما غلا فهو متوقع، كونه لا يوجد حرية بلا ثمن باهظ، وذلك من خلال دروس التاريخ.
قادة الاحتلال من خلال عملية الضم وتوقيتها، لعبوا على ان المرحلة الآن هي ذهبية لهم، كون العرب منشغلين بحروبهم وفتنهم الداخلية وتثبيت حكمهم، وكون الحالة الفلسطينية ايضا ما زالت منقسمة، وامريكا اكبر قوة في العالم ما زالت تدير شؤونه بالقوة وتدعم كيانه، اذن بالتالي حان الوقت لعملية الضم، فلا يوجد ثمن كبير تدفعه لهكذا خطوة.