كعادته، وكعادة الجبابرة والطغاة في الأرض، يستكثر الاحتلال على الفلسطينيين فرحتهم وبهجتهم بعيد الفطر السعيد، ويحاول في كل مرة سلبها منهم؛ حيث تميز عيد الفطر في الضفة الغربية لعام 2020؛ بوقوعه تحت هاجس الضم الفعلي، والذي بات قاب قوسين أو أدنى.
حال العيد في الضفة الغربية؛ تنغصه جائحة "كورونا" والاحتلال معا؛ ويحوله إلى عيد منقوص الفرحة والبهجة؛ بممارساته العدوانية والاستيطانية؛ وبرغم ذلك ينتزع مواطنو الضفة من حلق الاحتلال؛ فرحة وان بدت منقوصة؛ إلى أن تحين الفرحة الكبرى بكنسه والخلاص منه.
كما ان جائحة "كورونا" ولاول مرة منذ فجر التاريخ، تجبر الفلسطينيين على الالتزام ببيوتهم خشية انتشار هذا الفيروس الخطير، الا انه جرى وبشكل جزئي الاحتفال بالعيد بالصلاة في بعض المساجد والساحات مع الاحتياطات، في محاولة لانتزاع فرحة العيد رغم الاحتلال و"كورونا".
عيد الفطر في الضفة يختلف عن اي بقعة في العالم؛ فمنظر ومشهد المستوطنات وهي تتربع على قمم جبال وتلال الضفة كغدد سرطانية؛ يضيف غصة في القلب؛ لما وصل إليه حالنا من هوان وسرقة واستنزاف جهارا نهارا للأرض.
قرارات وقف العمل باتفاقية "اوسلو" بعد 25 عاما من التوقيع، ميزت عيد الفطر، والكل ينتظر الخطوات العملية، كونه لا يمكن ان يتعايش صاحب الحق والمظلوم مع مغتصب حقه وارضه، فاصل العلاقة مع الاحتلال لا تكون بالتنسيق معه حتى وان كان هناك اختلال في موازين القوى، بل بمقارعته ومقاومته وطرده وكنسه لمزابل التاريخ غير مأسوف عليه، والمسألة تبقى مسألة وقت.
المستوطنون الذين استجلبوا من مختلف دول العالم وزعموا ان هذه ارض الميعاد، وتم زرعهم بقوة السلاح فوق هذه الارض المباركة، لا مكان لهم فوقها حتى وان بدا غير ذلك في هذه المرحلة الصعبة من تاريخ الامة العربية والاسلامية.
خلال عيد الفطر لم تتوقف حملات التجريف الاستيطاني، وحملات الاعتقال والاذلال في الضفة الغربية تحديدا دون غزة؛ كون الاحتلال طرد منها طردا، وما زالت تؤرقه وتشكل له كابوسا مريعا، حتى وان بدت محاصرة ومضيق عليها، فهذا ثمن للحرية مقبول "وعادي جدا".
في الضفة كيف يفرح من هو واقع تحت احتلال ظالم متغطرس؛ وكيف تفرح الضفة ولها اكثر من 4700 اسير، من بينهم اطفال وفتيات وامهات وكبار السن، يتفنن السجان بعقابهم وزيادة معاناتهم على مدار الساعة، ومنهم من قضى العيد في زنازين انفرادية ولم يسمح له الاحتلال حتى رؤية ذويه خلال العيد بحرمانه من زيارتهم.
في الضفة الغربية وهذا حال الكثيرين تكون الفرحة تصنعا من قبل الكبار وذلك من اجل فرحة الأطفال الصغار, والذين لا يدعهم الاحتلال حتى أن يفرحوا كبقية أطفال العالم؛ فالموت البطيء، والآثار السلبية المميتة للجدار والاستيطان، وحملات الاعتقال المتواصلة؛ مع مرور الوقت؛ تقتل الضفة أكثر فأكثر، وتتركها مقطعة الاوصال حزينة باكية.
خلال عيد الفطر يتجرع ملايين الفلسطينيين في الضفة الغربية؛ مرارة الوقوف على الحواجز، التي تذل الإنسان وتجبر الفلسطيني على التعري بحجة التفتيش، والاحتلال يضغط على صدور الفلسطينيين ولا يدعهم يتنفسون ولا ينعمون حتى بحرية الهواء النقي.
في عيد الفطر يتمنى أهل الضفة ويدعون الله أن تتحقق أمانيهم، بذهاب وإنهاء جائحة "كورونا"، وان لا يضم الاحتلال الاغوار ومناطق المستوطنات، وان تتوحد جهود القوى خاصة فتح وحماس، في بوتقة انهاء المحتل الغاصب، وان تترجم دعواتهم الى افعال على الارض.
يريد الاحتلال ومعه جائحة "كورونا" قنص فرحة الفلسطينيين بعيدهم، الا ان الفلسطيني يحاول جاهدا ان يعيش اللحظة، وان يفرح بالعيد كونه شعيرة دينية، وكون الفرح حقا لكل انسان، وسينتصر الفلسطيني في نهاية الامر لسبب بسيط وهو انه صاحب حق.