ما تزال الأوضاع في الأراضي الفلسطينية تبعث على القلق. مشروع دولة الاحتلال يحتضن تداعيات جرثومية خطيرة على المستوى المحلي والدولي. دولة الاحتلال: قادتها وأحزابها ليس لديهم مشكلة مع مشروع الضم والنِّسب المقررة من الأراضي. مشكلتهم الوحيدة الآن هي في مواعيد إعلان قرار الضم بشكل رسمي، وفي مواعيد بدء تطبيق إجراءات الضم؟!
قادة الجيش والأجهزة الأمنية لدولة الاحتلال أبلغوا نتنياهو أن موعد البدء بالإجراءات ميدانيًّا في شهر يوليو غير مناسبة، والأجهزة والجيش ليس لديهم الاستعدادات الكافية لمواجهة ردود الأفعال الفلسطينية، والدولية، وأنهم ينصحون بتأجيل المواعيد.
هذا ويمكن إضافة عاملين آخرين يدفعان باتجاه تأجيل إجراءات الضم ميدانيًّا، أولهما: يكمن في الموقف الأوربي الصادر عن أربع دول أوربية، هي: فرنسا وبريطانيا وإسبانيا وإيطاليا. الدول الأربعة حذرت (إسرائيل) من تداعيات الضم، ومن إمكانية فرض عقوبات عليها، وأبلغتها أنها لا تعترف بأية خطوة أحادية، لا تأتي من خلال المفاوضات مع الفلسطينيين.
نعم، الدول الأربعة لا تملك إرادة قوية لفرض عقوبات حقيقية على دولة الاحتلال. وهي لا تملك رغبة في الدخول في مواجهة مع السياسة الأمريكية، والإسرائيلية، ومع ذلك فإن (إسرائيل) لا تستطيع تجاوز سياسة هذه الدول، وتعريض بعض مصالحها للخطر. ومن ثم يمكن القول: إنّ أوربا قد تسهم بشكل أو بآخر في قرار تأجيل إجراءات الضم.
وثاني العاملين، يكمن في الموقف الأردني الذي تحدث عن رفضه للضم، وعن تصريحه بحدوث فرص كبيرة للصدام في المنطقة، وهنا أيضًا يأتي موقف عباس ومنظمة التحرير الأخير عن التحلل من الاتفاقيات، مع أن مؤشرات توقف التنسيق الأمني تتحدث عن توقف جزئي؟! غير أن الضغوط الشعبية ربما تسهم في تطوير الموقف الرسمي للسلطة باتجاه تشديد إجراءات مقاومة مشروع الضم.
هذه ملامح رئيسة للمشهد كما كشفت عنها وسائل الإعلام في فترة إجازة عيد الفطر، وهنا يمكن القول: إن دولة الاحتلال قد تخرج من أزمة عدم مناسبة التوقيت في شهر يوليو القادم، بالذهاب إلى الإعلان عن قرار الحكومة الجديدة في يوليو بحسب اتفاق نتنياهو وغانتس، حتى لا تسقط مصداقية الرجلين بين الناخبين، على أن تؤجل الإجراءات لفترة قادمة ليست ببعيدة، وربما يذهبان إلى إجراءات متدرجة غير معلنة، وبهذا يتم لهما الوفاء للناخبين، ويتم لهما احتواء الموقف الأوربي، ولكن التأجيل بالتأكيد لن يتأخر طويلًا حتى نصل لذروة الانتخابات الأميركية، وستحرص (إسرائيل) على استثمار وجود ترامب في البيت الأبيض تبدأ بالإجراءات، لأنها تخشى أن يغادر ترامب البيت الأبيض، وأن يأتي رئيس ديمقراطي لا يلتزم بموقف ترامب وسياسته في هذا الموضوع تحديدا؟! والتغلب على هذه المناورة المحتملة لا يكون إلا بتصليب الموقف الفلسطيني للسلطة، وتطويره، وتنسيق أكبر مع الأردن، ودول أوروبا.