فلسطين أون لاين

ليلة العيد.. كعك و"مطبق" بـ"طعم الحطب"

...
غزة-مريم الشوبكي

في الليلة الأخيرة من شهر رمضان، رائحة الكعك والمعمول تقابلك أينما تتجه، تصبح البيوت كخلية نحل تجتمع فيها الجارات لصنع كميات كبيرة منه يستقبلن فيه ضيوفهن في أيام عيد الفطر، وقديمًا لا "بتوجاز" ولا أفران غاز في البيوت، فكان له نكهة خاصة يطغى عليها طعم ورائحة الحطب.

ذكريات ليلة عيد الفطر قبل 60 عامًا لها نكهة وبهجة لا نجدها هذه الأيام، فـ"شادية الغزالي" تستعيد بعضًا من ملامحها، حيث كانت تجتمع والدتها في بيت إحدى الجارات يشمّرن عن سواعدهن في تحضير الكعك والمعمول بالتمر والمكسرات، ويقمن برصه في صواني يحملها الأطفال إلى فرن الحطب القريب من الحارة فالصواني الخارجة منه والداخلة إليه لا تهدأ.

ولا تخلو سفرة استقبال الضيوف في العيد من حلوى المطبق الذي يصنع من عجينة رقيقة تطوى بعدة طبقات في منتصفها توضع المكسرات والمخلوطة بالسكر والقرفة وجوز الهند ثم تطبق، وترص في صوانٍ جاهزة للخبز في فرن الحطب، ثم توضع في القطر وتقدم للمهنئين بالعيد.

والسماقية كما هي اليوم كانت عنوان أول يوم في عيد الفطر، حيث كانت تسهر والدتها مه جاراتها يتشاركن في صنع السماقية في أوانٍ كبيرة من الألمنيوم على نار موقد الحطب حتى ساعات متأخرة من الليل، فليلة العيد كانت لا تغفو فيها الحارات؛ كما تقول لصحيفة "فلسطين".

شادية ( 65 عاما) تأخذك بذكرياتها إلى عمر العشرة أعوام حينما كانت تجلس والدتها على "لوح العجين" الخشبي بجوار خرطوم ماء تملأ منه إناء بلاستيكيًا دائريًا تضع به حبات "الفسيخ" ثم تبدأ بتنظيفها من القشور وما إن تنتهي تنقعه في ماء طوال الليل.

وفي ليلة ثبوت هلال الفطر، تبدأ والدة "الغزالي" بتتبيل الفسيخ بزيت الزيتون والسماق وتضعه في "زبدية" من الفخار تحملها شادية لتطهوها في الفُرْن القريب من حاراتها الذي يستمر في عمله حتى بزوغ فجر العيد.

ينضج الفسيخ على نار الحطب، تعود به شادية إلى البيت لتجد والدتها قد أعدت "الطشطيشة" بندورة وبصل وفلفل أخضر حار تسبكها على بابور الكاز، حتى يعود أخويها مع والدها من صلاة العيد فيكون وجبة فطورهم.

تهافت النساء على صالونات التجميل ليس طقسا حديث العهد، بل تؤكد شادية أنها كانت تذهب برفقة والدتها وجاراتها للكوافيرة ليصبغن شعورهن ويكوينه بأداة فرد الشعر التي كانت تسخن على الفحم.

والمتعة الأكبر لقلب أي طفل هي مرافقة والديه لشراء كسوة العيد، تقول شادية: "كانوا قديما العائلات المقتدرة ماديا تشتري لأطفال ملابس العيد باكرا، أما البسطاء كانوا ينتظرون الليلة الأخيرة في رمضان لتسوق، وشراء حلويات العيد من حلقوم وملبس وبسكويت".

كانت الشوارع تتزين لاستقبال عيد الفطر، وتكثر الأراجيح الخشبية والمصنوعة من الحبال أيضًا في الطرقات، حيث يقضي الأطفال جل وقتهم في اللهو بها مدار أيام العيد الثلاثة.