فلسطين أون لاين

فلسطينيون في الخارج يروون "حكايات رمضان"

...
عواصم-غزة/ هدى الدلو:

"إن أكثر ما يفتقده المغترب من أجواء رمضان هو الاجتماع العائلي الكبير، حيث صحبة الأهل والأحبة مع طقوس رمضان الروحانية والاجتماعية"، كانت الحروف ثقيلة على قلب أمل إرحيم وهي تتحدث عن أكثر ما يفتقده المغترب في غربته، حيث حل شهر رمضان ليقلب أوجاعهم.

وترى إرحيم أنه بخصوص الوضع الحالي مع الجائحة هو نوعًا ما استثنائي، قائلة لصحيفة "فلسطين": "أقيم بماليزيا وهي دولة إسلامية لها عادات ربما في رمضان، لكن بحكم الأزمة الصحية التي تعصف بالعالم لم أحظ حتى بالتعرف إلى ثقافة المجتمع الماليزي مع غياب عاداته عنها".

وتضيف: "كانت هناك عادة تثير في الصغار حب استقبال رمضان، ألا وهي تزيين البيت بالهلال والنجوم والفوانيس، إلى درجة أن صغيرتَيّ هذا العام أصرتا على شراء المستلزمات وقيامهما بذلك بنفسيهما، وقد تابعت خطواتهما في هذا عبر (واتس أب)، وكنت أفتقد حقيقة الجو المرح وأنا بصحبتهما، واعتدت ذلك لحفر بهجة رمضان في ذاكرتيهما".

فتفتقد الجلوس على طاولة الإفطار مع أفراد العائلة كلها، والدعاء الجماعي وقت الإفطار، وصوت تأمين، وزيارة أهلي الذين كانت إطلالتهم مميزة في رمضان، وكانت تختلف عن كل الزيارات، فكنت أستشعر مقدار الرحمة في صلة الرحم في هذه الزيارات، إذ لا ينقطع البيت من الزوار" والحديث لإرحيم.

وبتنهيدة طويلة تتابع: "أفتقد أجواء شوارع غزة في رمضان وأسواقها وسوق الزاوية، ففي الغربة لا تستشعر الأجواء ذاتها كما هي في غزة التي عهدتها تسير على إيقاع واحد، وكذلك صوت الابتهالات الدينية قبل أذان المغرب مع ضجة المطبخ وحولي الأولاد وأنا أجهز السفرة وهم يساعدونني".

"حتى طبق الملوخية في أول يوم حرمته، والقطائف، هنا نفتقد دفء العائلة ولمتها بعد الإفطار، وما يسري عن النفس أنني في بلد مسلم أستمع فيه للأذان، والابتهالات الدينية قبل أذان المغرب" تختم إرحيم.

لا طعم للحياة

أما بسمة الحلاق، رغم مرور خمس سنوات على غربتها في ليبيا، ووجودها وسط عائلة زوجها، تفتقد لمة أهلها ورائحة طعام والدتها، تقول "كنا نستمع للأذان بأريحية، أما هنا فلا أذان ولا أجواء ولا رمضان ولا حياة، خاصة أنها غير آمنة بفعل القصف والمدافع".

تضيف لصحيفة "فلسطين": "لا طعم للحياة في كل المناسبات وأنتِ بعيدة عن بلدك وأهلك، ولذلك يمر رمضان وكأنه شهر عادي، ولكنه لا يخلو من العبادات والطاعات، وصلاة التراويح في البيت، ولا خروج منه حتى قبل انتشار فيروس كورونا بسبب انعدام الأمن".

وتتابع الحلاق: "لو كنت في أحلى بلد فلن يعوض عن لمة الأهل وأجواء رمضان في بلدك، وما يهون عليّ قليلًا وجود زوجي وابني".

أما الشاب علي محمود في هولندا فلا شيء أقسى عليه في غربته من غياب اجتماع الأهل على مائدة واحدة، ففي أوروبا لا توجد حياة اجتماعية، حتى الاجتماع مع أصدقاء قبل الإفطار أو بعده، كما يوضح، ويفتقد الكثير من أنواع الأطعمة والأكلات.

ويهوّن عليه وجوده في منطقة بها جالية عربية وفيها مسجد، فهو يحاول مع من حوله تنفيذ كثير من الأمور معًا، مثلًا رمضان الماضي كان كل يوم في المسجد إفطار جماعي، وصلاة تراويح، وكان لديهم مسحراتي يوقظهم في وقت السحور.

ولكن جائحة كورونا زادت من وجعهم وغربتهم، فيفتقد صلاة الجماعة في المسجد، والإفطارات الجماعية وغيرها الكثير.

صناعة الأجواء

أما مها السقا التي رافقت زوجها وأبناؤهما في غربته بتركيا لنيل درجة الدكتوراة، تقول: "هذا رمضان الثاني في الغربة حيث نفتقد كل تفاصيل الشهر الكريم، فأعيش مع زوجي وأطفالي، ونحاول جاهدين أن نصنع لهذا الشهر بعض الأجواء، رغم افتقادنا أكثر ما يميز رمضان: لمة العيلة وقت الإفطار والأكلات الفلسطينية المميزة".

وتكمل: "ولائم رمضان تكاد تكون مختفية تمامًا، خاصة مع ما تمر به تركيا بعد انتشار جائحة كورونا، فحظر التجوال والحجر المنزلي يمنعاننا من اجتماعنا مع الأصدقاء، والفلسطينيين الموجودين في تركيا، الذين اعتادوا التجمع معًا في مختلف المناسبات، لكن رمضان هذا العام مختلف حقًّا".