"حان الوقت لتطبيق السيادة الإسرائيلية والقانون على الضفة. وهذه الخطوة لا تبعد السلام بل تقرب منه، ولن يتم إخلاء أي مستوطن في أي اتفاق سلام قادم؟!". هذا ما قاله نتنياهو في خطاب طلب اعتماد حكومة الوحدة الجديدة من الكنيست.
الخلاصة التي توصل لها نتنياهو في قوله حان الوقت، هي خلاصة عشرات السنين من الاحتلال، والاستيطان المتدرج، وفي هذا التوقيت أصبح تطبيق السيادة والقانون الإسرائيلي على الضفة أمرًا لا بد منه، بعد أن تمّ إنضاج ثمرة الضم، إنضاجا لا يحتاج لتأخير أو إلى وقت إضافي. وهنا نسأل: كيف وصلت (إسرائيل) إلى هذه الحالة الناضجة؟ الجواب في نقاط يقول:
أولًا- وصلت سياسة الاستيطان المتدرج نهايتها، وبات في المستوطنات (٧٠٠) ألف مستوطن ينتظرون قرار فرض السيادة.
وثانيًا- إن نتنياهو حصل على ضوء أخضر من الولايات المتحدة الأميركية، التي قررت أن تعترف بالضم بعد أن شاركت في رسم خرائطه.
وثالثًا- إن السلطة الفلسطينية لا تملك خيارات تمنع الضم، وإنها تعاني حالةَ ضعف يجبرها على السكوت، وحسبها فقط الشجب اللفظي، ولن تذهب لخطوات دراماتيكية تنهي وجودها، بحيث يُحرم قادتها من مصالحهم الاقتصادية التي ارتبطت مع الاحتلال، والتنسيق الأمني.
ورابعًا- أن قادة الأنظمة العربية لا يملكون غير الصمت، والتعامل مع الواقع، والدخول في عمليات التطبيع العلنية والسرية أيضا، وأن كلمات الشجب هي لاحتواء المتمردين من شعوبهم.
وخامسًا- إنه لا قيمة عملية للرفض الأوروبي، ولا خوف من مجلس الأمن، ولا خوف من محكمة الجنايات الدولية. المسرح الدولي جاهز للتعامل مع عملية الضم مع تحفظ؟!
هذه العوامل الخمسة التي شكلت البيئة الحالية، التي اكتمل فيها الظرف الواقعي مع السياسي، (المحلي والدولي)، في صورة لم تكن من قبل، هي التي جعلت الضم في هذا التوقيت مناسبا، حيث لا يتضمن أضرارا على دولة العدو وعلى مصالحها الإقليمية والدولية. لا يوجد شيء ذو مغزى يخيف قادة العدو، أو يعرقل عملهم لضم الأغوار والمستوطنات؟!
لقد فشلت السلطة الفلسطينية في عقد اجتماع قيادي في يوم السبت الماضي لمدارسة مواجهة خطط (إسرائيل). فإذا كانت السلطة، والمنظمة قد فشلتا في هذا الإجراء، وأجلته لإشعار آخر، فكيف لها أن تنجح في تقديم خطة مواجهة، تتحمل فيها تداعيات عملها؟!
إنه إذا كانت قيادات السلطة عاجزة عن التنازل عن مصالحها المالية والاقتصادية مع (إسرائيل) رغم خطورة الضم، فهي أعجز من أن تقوم بإجراءات عملية لإحباط عمليات الضم. وهذا بعض من معاني قول نتنياهو: "قد حان الوقت لفرض السيادة الإسرائيلية والقانون على الضفة".
جريمة عباس أن قتل مصادر القوة في شعبه، وألقى بها في البحر، ودخل إلى المفاوضات بلا أوراق، وما زال متمسكًا بما ثبت فشله، وزد على ذلك أنه زاد الشعب ضعفًا بعد أن أوجد مجتمعًا من القادة والمتنفذين يرتبطون ماليًّا واقتصاديًّا بـ(إسرائيل) ارتباطًا لا يملكون له فكاكا أو بديلا.