لا يختلف الحزب الجمهوري عن الحزب الديمقراطي في أميركا في تأييد دولة الاحتلال الإسرائيلي، ودعمها ماليًا وسياسيًا وعسكريًا وأمنيًا. في عهد الرئيس كلينتون الديمقراطي رعت أميركا اتفاق أوسلو الذي أعطى (إسرائيل) ٧٨٪ من أراضي فلسطين اعترافا بدون نقاش. وقضى على مشروع المقاومة التي نشأت عليه منظمة التحرير. ووفّر لـ(إسرائيل) احتلالا مريحًا بخمسة نجوم، لا مثيل له في العالم ولا في التاريخ؟!
وفي عهد الرئيس ترامب الجمهوري انتقلت سفارة أميركا للقدس اعترافًا بسيادة (إسرائيل) عليها موحدة، وقدم لهم ترامب صفقة القرن التي تتيح (لإسرائيل ) ضم ما بين ٣٠-٦٠٪ من أراضي الضفة والقدس؟!
من المعلوم أن الحزبَيْن يتنافسان في خدمة دولة الاحتلال بحكم الاعتقاد من ناحية، وبحكم المصالح من ناحية أخرى. وكلاهما يتنافس على صوت الناخب اليهودي، وعلى صوت الناخب البروتستانتي الإنجيلي التوراتي. كلاهما يرى في (إسرائيل) امتدادًا جيّدًا لأميركا ثقافة، وأمنًا، وسياسة، ومصلحة، ولا مجال لتغيير هذا الولاء على الأقل في الزمن القريب.
انطلاقًا من هذا الولاء الراسخ كتب دينس روس، اليهودي الأميركي، مبعوث كلينتون للسلام في الشرق الأوسط، مقالًا ينصح فيه نتنياهو بالتوقف عن ضم الأغوار، وضم كل المستوطنات (وعددها ١٣٠ مستوطنة) وبرّر هذه النصيحة بالآتي:
١- أن ضم أراضي المستوطنات، والأغوار، سينهي فرص حل الدولتين نهائيًّا، وسيهدد يهودية دولة (إسرائيل)، حيث سيفرض الواقع حلّ الدولة الواحدة ثنائية القومية، وهذا ليس في صالح (إسرائيل)، وبإمكان (إسرائيل) أن تكتفي الآن بضم مستوطنات القدس، بحيث يبقى خيار حلّ الدولتين ممكنًا.
٢- ثم قال: إن ضم الأغوار وكل المستوطنات يهدد اتفاقية (إسرائيل) مع الأردن، ويضعها في خطر الإلغاء، ويهدد حالة التطبيع العلنية الجارية مع دول الخليج، وهذا ليس في مصلحة دولة (إسرائيل)؟!
٣- وقال: إن الضم الواسع هذا سيهدد حالة الاستقرار في الأراضي الفلسطينية، وقد يتسبب بمتاعب (للسلطة ولإسرائيل)؟!. وفي ضوء هذه الأخطار عبّر دينس روس عن دهشته من التغيرات التي طرأت على سياسة نتنياهو الذي كان متردّدًا في ضم الأغوار، وضم كل المستوطنات، مع أنه كان يحلم بذلك اليوم، خشية تداعيات هذه الخطوات على (إسرائيل) والمنطقة، ويقول: ما الذي غيّر هذا الموقف، وجعله في السنة الأخيرة يعمل بكل قوة لعملية الضم؟!
لا أحد في (إسرائيل) أو العالم يشك في ولاء دينس روس (لإسرائيل)، ودفاعه عنها في أثناء توليه وظيفته، وهو حين يقدّم لها هذه النصائح ينطلق من مبدأ الولاء المطلق لها، ولا تعنية البتة مصالح الفلسطينيين وحقوقهم. وبإمكاني أن أقول: إن ولاء ترامب لا يبعد كثيرا عن ولاء روس، وأن ولاء ترامب ذهب به إلى صفقة القرن والضم، وأن ولاء روس دفعه لنصيحة نتنياهو بالاكتفاء بضم مستوطنات القدس، وحماية يهودية الدولة؟!
في ضوء ما تقدم أسأل: هل على الفلسطينيين مقاومة عمليات الضم بالدعوة إلى الدولة الواحدة الديمقراطية، على نحو ما كانت تنادي به منظمة التحرير في السبعينيات من القرن الماضي؟! وعلى نحو يعزز من تخوفات روس؟! وهل هذه الدعوة يمكنها أن تقاوم عملية الضم؟!