بعد أيام قليلة من هذا الشهر تكمل النكبة الفلسطينية عامها الثاني والسبعين؟! وتكمل دولة الاحتلال مدة مماثلة على قيامها على أراضي فلسطين المحتلة. نعم، يوم نكبتنا في الخامس عشر من مايو/ أيار، وهو يوم قيام دولتهم المحتلة. اثنان وسبعون عامًا على طردنا من وطننا ومن ديارنا وما زلنا نعمل من أجل العودة. نحن نؤمن بالعودة، ونؤمن أن يوم عودتنا لبيوتنا التي هجر منها أجدادنا قادم لا محالة، وأن الاحتلال اليهودي لأرضنا زائل أيضًا لا محالة.
لا يكاد يوجد شعب في العالم كالشعب الفلسطيني متمسك بوطنه وبيته، ومتمسك بحق عودته إليهما. إن طول مدة فراقنا لوطننا في يافا وعكا وصفد والمجد وغيرها من المدن والقرى يزيد شوقنا للعودة إليها، وكلما اشتد بنا الألم، وعضنا الحصار، وتنكرت الدول العربية لنا، زاد تمسكنا بوطننا، وبحق عودتنا إليه، وبإقامة دولتنا الفلسطينية وعاصمتها القدس.
حين نتحدث عن العودة، يسخر بعض العرب منا، وحين نقول إن عودتنا قريبة يخرج لنا بعض المحبطين ألسنتهم، ويقولون كيف (وإسرائيل) أقوى دولة في منطقة الشرق الأوسط؟! هؤلاء المستسلمون للواقع، وللقوة العسكرية، ينسون قدرة الله وعظمته، وأنه سبحانه يعطي الملك من يشاء وينزعه ممن يشاء، وقد أثبتت جائحة كورونا أن دول العالم ضعيفة أمام قدرة الله، وأن دولة الاحتلال هي من أضعف دول العالم قاطبة، وأنها أشبه بنمر من كرتون، أو برج ضخم من ورق مقوى. والله لا يهدي كيد الخائنين. وإن دولة قامت على الاحتلال، وتقوم على الخيانة لن تستمر طويلًا، هذا ويحدثنا تاريخ اليهود أن أقصى مدة وصلت إليها دولهم قديمًا لم تتخطَّ حاجز العقود الثمانية، وأنها انهارت قبل إتمام هذه المدة. ودولتهم (إسرائيل) لن تتجاوز هذه المدة.
اثنان وسبعون عامًا من النكبة والهجرة القصرية عمقت عند الفلسطينيين مفهوم الوطن، ومعنى الحرية، والدولة والعاصمة، والمطار والميناء والسيادة، ومن ثم تجد الفلسطينيين يسيرون بخطى ثابتة نحو الوطن، وهم يتحدون فكر الضم والاستسلام للاحتلال. الوطن الفلسطيني عائد لأصحابه بعز عزيز أو بذل ذليل.