فلسطين أون لاين

بنك الأسرى

سخط وغضب عمّا الشارع الفلسطيني جراء إغلاق أحد البنوك حسابات الأسرى والمحررين استجابة لضغوطات الاحتلال التي لن تتوقف إلا بزواله، علما أن الكل يجمع على أن الضغوط تأتي استكمالاً لخطة تصفية القضية الفلسطينية، المعروفة إعلامياً باسم "صفقة القرن".

هدف الاحتلال واضح جدا، فهو يعد أن كل فعل أو قول من المقاومة الفلسطينية، يشكل خطرا عليه، وأيضا تعد الخطوة قرصنة جديدة ضد الشعب الفلسطيني وتهديدا خطيرا يهدف بالدرجة الأولى لمحاصرة شريحة الأسرى وتشويه صورة المناضل الفلسطيني، كنوع من الحرب النفسية لكل من يفكر مستقبلا في المقاومة ورفض الظلم المتمثل بالاحتلال، أنه سيجوع ويلاحق ولا أمل له بالتحرير.

الرد الفلسطيني لا يصح أن يقف عند حدود الشجب والاستنكار، فتهديد الاحتلال لا يصح أن ينجح، لأن نجاحه يعد أمرا خطيرا جدا على مستقبل القضية الفلسطينية، فالأسرى خط أحمر وهم خط الدفاع الأول وشرف الأمة.

المطلوب فلسطينيا هو عدم الارتجال أو الرد بعواطف، بل الرد يكون خطة شاملة لمواجهة هذا التحدي الخطير، بالوحدة ورص الصفوف، وذلك بهدف الحفاظ على صورة المقاوم الفلسطيني وليس الإرهابي كما تحاول دعاية الاحتلال وسمه.

البنوك تبقى مؤسسات مالية وهي ليست صاحبة قرار، فصاحب القرار هم قادة الشعب الفلسطيني، من حماس وفتح، وبقية القوى الأخرى، ولا يصح الاستجابة لضغوط الاحتلال، كون ذلك يدفعه للمزيد من الضغط والقرارات الظالمة.

الموضوع المالي ليس بالهين أو بالأمر البسيط بالنسبة للأسرى وذويهم، وهو حق لهم كي يبقوا على قيد الحياة ويصارعوا الاحتلال الغاشم.

لا يصح لأي جهة أن تنفرد بالرد على ممارسات الاحتلال، لأن يد الله مع الجماعة، والعمل الجماعي يحقق النجاح، ومن هنا يجب على السلطة الفلسطينية، والفصائل، والمجتمع الفلسطيني، والقطاع الخاص أن يردوا جماعياً على الجريمة "الإسرائيلية "الجديدة، وأن يقف الكل مع البنوك وأصحاب القرار في مواجهة هذا التحدي الخطير.

لو نجح الاحتلال سابقا بمنع رواتب الأسرى عبر اقتطاعها من المقاصة لما ذهب إلى هذه الخطوة، فقد وجه الاحتلال رسائل تهديد للبنوك بأنكم تحت طائلة المسؤولية إن أبقيتم على حسابات الأسرى وأهالي الشهداء، ومن هنا لا بد من وقفة جادة وليس مجرد تصريحات تذروها الرياح.

بنك الأسرى ليس مالا، بل هو بنك القيم النبيلة والحرية والتضحية حتى طرد الاحتلال، فمواقع التواصل الاجتماعي الفلسطينية عبرت عن الدعم الكامل للأسرى وضد القرار، وعدوا الأسرى خطا أحمر، كونه لا يمكن للشعب الفلسطيني أن يلفظ مقاوميه ومن ضحى بحياته لأجل القضية الفلسطينية، فنبض الشارع الفلسطيني حي ولا يقبل الظلم.

يحاول الاحتلال من خلال قرارات ظالمة بحق الأسرى والاستيطان المتواصل، المضي قدما في مشروع التصفية رغم انشغال العالم بوباء كورونا، فهو احتلال يستغل أي حدث لصالحه، ضاربا بعرض الحائط كل القيم الإنسانية والأخلاقية، كونه لا يوجد ما يردعه في هذه اللحظة التاريخية الفارقة.