لم يعول سكان الضفة الغربية وغزة كثيرا على نتائج مؤتمر القمة العربي، رغم متابعة البعض لجلسات المؤتمر من منطلق الانصياع للهجمة الإعلامية التي سيطرت على الفضائيات، وفرضت على المواطن العربي بشكل عام، وعلى الفلسطيني بشلك خاص أن يشاهد تجمعًا يضم عدداً من رؤساء وملوك الدول العربية، الذي يلتقون على بعد أمتار من أولى القبلتين وثالث الحرمين دون أن يقدر أيهم على الصلاة في المسجد الأقصى ركعتين.
مؤتمر القمة العربي أكبر ممثل لمصالح الأنظمة العربية الشمولية، وهو أصغر ممثل لأحلام وآمال الشعوب العربية، التي تتطلع إلى أبسط حقوقها الإنسانية، وتتطلع إلى الحياة بكرامة أسوة ببقية شعوب الأرض، فمؤتمر القمة المنعقد في منطقة البحر الميت أعجز عن فك حصار قطاع غزة، ولن يقدر على إيقاف تهويد القدس، ولن يتصدى للتوسع الاستيطاني على أراضي الضفة الغربية، ولن يأمر بإنهاء الاحتلال للأراضي العربية المحتلة فتطيع إسرائيل، ولن يقدر على تخفيف المعاناة عن الشعب السوري، ولن يوقف المجازر بحق المدنيين في الموصل وباقي المدن العراقية والسورية، ولن يوقف مؤتمر القمة العربية حرب اليمن، ولن يحقق المصالحة بين المدن الليبية المتحاربة، ولن يحقق التفاهم بين المغرب والجزائر حول صحراء بوليساريو.
ضمن هذا المشهد القاتم للواقع العربي، فلا غرابة أن تتجاهل إسرائيل وقائع مؤتمر القمة ومقرراته بشكل أكثر من تجاهل الجماهير العربية لوقائع المؤتمر، حيث اكتفت إسرائيل بالإشارة إلى المكان الذي تنعقد فيه القمة، واهتمت بالإعداد الأردني الجيد للمؤتمر والحراسة المكثفة، دون أن تبدي أي خوف أو ارتعاب من هذه القمة العربية التي تعقد على حدود فلسطين المحتلة، وتحت إبط البحر الميت، الذي يشهد أن الحياة حراك متفاعل مع الأحداث التي تهم جماهير الأمة العربية وتشغل بالها، وهذا ما تعجز عن تحقيقه مؤتمرات القمة العربية.
خرج مؤتمر القمة العربية بعديد القرارات التي تخص القضية الفلسطينية، ولكنها قرارات ميتة، بلا روح، فقد سبق وأن اتفق العرب على مبادرة السلام العربية في مؤتمر بيروت سنة 2002، ورغم ظلم مبادرة السلام العربية لحقوق الشعب العربي الفلسطيني التاريخية، إلا أن المبادرة ظلت طي الأدراج، وظلت حبراً على ورق لا تجد آذاناً صاغية لدى الإسرائيليين؛ الذين غيروا الوقائع على الأرض بما يضمن نجاح مشروعهم الصهيوني.
لم نكن نتوقع من مؤتمر القمة أن يحرر أرض فلسطين، ولكننا نتمنى كأمة عربية أن يقف حكامها وقفة عز وشموخ في وجه المحتلين الصهاينة، وأن يعلنوا عن إلغاء مبادرة السلام العربية، بعد خمسة عشر عاماً من التجاهل الإسرائيلي لهذه المبادرة، ولكن أن يعلن مؤتمر القمة عن مواصلة السير على طريق المفاوضات التي لم تحرر شبراً من الأرض بعد عشرات السنين، فهذه قمة الاستخفاف بالعقول العربية قبل أن يكون استخفافاً بالحقوق الفلسطينية.