قرار حكومة محمد اشتية بالسماح لأربعين ألف عامل بالعودة إلى عملهم داخل الخط الأخطر، قرار متعجل، وغير حكيم، حتى مع إجراءات السلامة التي ذكرها القرار. ذلك لأن دولة الاحتلال لا زالت تعاني من خطر تفشي فايروس كورونا، وفي كل يوم يمر يوجد فيها إصابات جديدة. وثمة وفيات جديدة. دولة الاحتلال في القراءة الطبية هي مصدر إدخال فايروس كورونا إلى الضفة الغربية. هذا والضفة ما تزال تواجه زيادة في الإصابات، فقد أعلنت الصحة في الضفة عن ثماني إصابات جديدة في الخليل.
نحن نعلم أن التزام العمال بشروط السلامة لن يكون التزاما دقيقا، لكونه يعيق عملهم، أو لكونهم لا يبالون كثيرا بالتحذيرات أمام حاجتهم للمال. أضف لهذه الأخطار أن دولة الاحتلال ومشغلي العمال لا يقدمون لهم رعاية صحية مناسبة من الفايروس، وسرعان ما تطرد الدولة المصابين منهم إلى الضفة الغربية. وتكاد الضفة لا تجد فيها ما يكفيها من مستلزمات طبية لو ارتفعت نسبة الإصابات بين السكان.
قرار إعادة العمال إلى عملهم في داخل الخط الأخطر لا يوازن جيدا بين حاجة المواطن وصحته، ولا بين مصلحة السوق ومصلحة العاملين. دولة الاحتلال هي المستفيد الوحيد، تأخذ ما تريد من العمال، ولا تتحمل مسئولية علاج المصابين منهم، بينما هي تحافظ على صحة العامل الإسرائيلي وتمنع رجوعة للعمل. كيف يرجع عمالنا للعمل بينما السلطات المحلية العربية مثلا ترفض فتح المدارس العربية لأن خطر تفشي الوباء ما زال كبيرا؟! .
نحن في النصف الثاني من شهر رمضان المبارك، وكل العمال الذاهبون للعمل سيعودون لا محالة للضفة لقضاء إجازة العيد بين أبنائهم وذويهم، وهذا يعني أن تأجيل قرار عودتهم لأسبوعين، وإلى ما بعد العيد هو الأفضل، وتكون هذه المدة القصيرة مدة مراقبة ودراسة للخيارات الأفضل.
الحكومة تريد المال، والسوق يريد المال، والمواطن يريد المال، ولكن العائلة تريد صحة معيلها وابنها قبل المال، والمجتمع لا يريد تفشيا للفايروس. وبالتالي فإن موازنة الاحتياجات تنظّم لنا الأولويات، فهل المال أولا، أم صحة المجتمع أولا؟! الحكومات المسئولة لا تغامر بصحة المجتمع، وتصبر على تراجع الاقتصاد والمال لفترة تتحسن فيها بيئة العمل، ويتراجع فيها خطر الفايروس. خطر تفشي الفايروس ما زال كبيرا بحسب تقارير منظمة الصحة العالمية، التي حذرت الدول الأوروبية من التراخي في إجراءات الوقاية، والعودة إلى العمل؟! لماذا العجلة في مخاطرة لا تحمد عقباها؟! ولماذا لا يراجع المجتمع الحكومة وهو المتضرر الأول إن ثبت خطأ القرار؟!