فلسطين أون لاين

في الضفة.. "كورونا" وضمّ وهمّ

حال الشعب الفلسطيني لا يشبه أي حال آخر، لأي شعب أو دولة أو منطقة على وجه الأرض، فـ"كورونا" خطر، والاستيطان خطر، وأخيرًا جاء تحالف "نتنياهو" "غانتس"، على حساب ما تبقّى من حقوق فلسطينية، بقرارهما واتفاقهما على ضم الأغوار والمستوطنات، وكأن الأرض ملك لهما، وورثوها عن آبائهم، ليزيدوا من هم وغم الشعب الفلسطيني.

صيرورة التاريخ، والسنن الكونية، تقول إن علاقات القوى ببعضها، هي من تحدّد شكل أي بقعة في العالم أو ماهيتها، وأن أي طرف يحوز على أكبر قدر من القوة ويجيد استخدامها، فإنه يفوز في النهاية ويحدد شكل المنطقة لسنوات طوال، تطول أو تقصر حسب قدرة هذه القوة على فهم العلاقات المعقدة بين قوى الإنتاج المختلفة التي تزيد من قوة أطراف صراع بعينها كلما قويت، وتصاعدت وراكمت قواها.

حل عيد العمال العالمي على شريحة واسعة من عمال الضفة الغربية وغزة، فجاء "كورونا" ليزيد من معاناتهم، ويزيد من نسب الفقر والبطالة، ولا حل سوى مزيد من الصبر، فالشعب الفلسطيني لا يعرف أصلًا سوى الصبر والتضحية منذ احتلال فلسطين واعلان دولة الاحتلال عام 1948، ولاحقا احتلال ما تبقى عام 1967.

ضم الضفة الغربية، أو مناطق وأجزاء منها، هو مخطط احتلالي قديم وواضح، والاحتلال يستغل "كورونا" وانشغال العالم به ليضم ما تبقى من الأرض ويجهز على ما تبقى من حقوق فلسطينية، في ظل صمت دولي مريب، أو بعض من عبارات وبيانات الشجب والاستنكار لرفع الملامة ورفع العتب.

ما يؤسف له أن العرب والمجتمع الدولي، يكتفون في كل مرة بالشجب والاستنكار، مع أن هناك الكثير من الأمور التي يمكن ان يقوموا بها ويؤثروا في قرارات الاحتلال ويجبروه ان يتراجع عن الكثير منها، فنقاط ضعف الاحتلال كثيرة ولا تعد ولا تحصى إن استغلت بشكل جيد واخترقت من قبل المخلصين.

ضمّ أجزاء مهمة من الضفة الغربية والاغوار، سيعمل على ضرب حقوق الانسان الفلسطيني، ويعتبر ضربة قاصمة للقانون الدولي الذي يمنع الاستيلاء بالقوة على الاراضي المحتلة او اقامة مستوطنات فوقها.

حال الضفة بعد الضم سيكون عبارة عن أرخبيل وسجون كبيرة، من جزر منفصلة مقسّمة، تحيطها ما يسمى بدولة "إسرائيل" بشكل كامل، وغير متصلة مع العالم الخارجي، ويتحكم في مفاصلها جنود وحواجز متنقلة وثابتة.

معروف ان مجلس الأمن الدولي والامم المتحدة والقرارات الدولية دائما تشدد وتقول: إنه لا يجوز الاستيلاء على الأراضي بالقوة أو خلال الحرب في مناسبات عديدة مع الإشارة بالتحديد إلى الاحتلال، ولكن دون جدوى.

ما صرح به أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، من أن  إقدام الحكومة الإسرائيلية على ضم الأراضي الفلسطينية المحتلة جزئيا أو كلياً، سيقضي على إمكانية تحقيق اتفاق سلام مستقبلاً، يأتي في سياق محاولة منع الاحتلال من القيام بعملية الضم، لكن الاحتلال وحسب المعطيات على الارض سينفذ ما يريده مستغلا ضعف الحالة العربية والفلسطينية، وصمت المجتمع الدولي كالعادة.

كل ما سبق يرينا أن الاحتلال ليس بالقوة التي يروجها لنفسه، وأن الشعب الفلسطيني اتضح له من خلال "كورونا" أكثر فأكثر، ان الاحتلال يمكن هزيمته ان توحدت الجهود وخلصت النوايا، فقوي الأمس، ليس قوي اليوم، ولا قوي الغد، فهل اتعظنا واغتنمنا الفرصة التي قد لا تعود، ولا تعوض؟!