يبدو أنّ وقاحة الإدارة الأميركية الحالية وعنجهية رئيسها قد بلغت مرحلة لم تعد فيها تتورّع ليس فقط عن المجاهرة بدعم كل سياسات حكومة الاحتلال ورئيسها بنيامين نتنياهو، بل إنها لم تعد تبالي حتى في كذبها أو بذل جهد لافتعال موضوعية أو "توازن" في تعاملها مع القضية الفلسطينية وطريق تصفيتها عبر صفقة ترامب - نتنياهو وإن تمت تسميتها بخطة السلام الأميركية أو صفقة القرن، عندما كان ترامب لا يزال مزهوّاً بقدراته على إبرام الصفقات.
فقد أكد موقع أكسيوس الأميركي، والقناة 13 الإسرائيلية، في تقريرين يقف وراءهما الصحافي الإسرائيلي رفيف دروكير، أن إدارة ترامب أبلغت حكومة نتنياهو، بما في ذلك عبر سفيرها لدى تل أبيب، دافيد فريدمان، أنها ستكون مستعدة للاعتراف بضم (إسرائيل) لغور الأردن كجزء من مسار المفاوضات بين (إسرائيل) والفلسطينيين وفق مبادئ خطة ترامب، وبحسب الخبر الذي نشر الليلة قبل الماضية، فإنّ الإدارة الأميركية أوضحت في رسائلها أنها ناقشت مع نتنياهو خطة ترامب وليس خطة الضم.
وتحاول هذه التسريبات الإيهام بأنه وفق الخطة الأميركية، التي فصلت اللحم عن العظم ولم تبق إلا الشحم فيما بقي من أراضي الضفة الغربية والقدس المحتلتين بعد اعترافها بالإبقاء على المستوطنات، وإضافة أجزاء من الغور، والمناطق سي، لا يزال ما يمكن أن تقوم عليه دولة فلسطينية، أي دسّ السم في الشحم، بعد أن راح الدسم لدولة الاحتلال.
ويبدو أن هذه التسريبات للصحافي الإسرائيلي، تحاول إظهار وجود نوع من التحفظ الأميركي لمسار الضم المعلن إسرائيلياً، أملاً في إيقاع السلطة الفلسطينية في مصيدة مسلسل مفاوضات إضافي، فيما تواصل دولة الاحتلال فرض الحقائق على الأرض، من جهة، وطمأنة مخاوف أردنية من مشروع الضم الإسرائيلي لغور الأردن من جهة أخرى.
وفيما يبدو أن السلطة الفلسطينية غير قادرة على مواجهة سياسات الاحتلال القادمة لافتقارها إلى أوراق قوية ما دامت تعلن تقديس التنسيق الأمني، يصبح تلويح الأردن بإلغاء اتفاقية وادي عربة رداً على ضمّ فعلي، مصدر قلق كبير للولايات المتحدة، خصوصاً إذا رافقت ذلك فعاليات غضب شعبي في الأردن ضد دولة الاحتلال وضد الإدارة الأميركية، وهو ما قد يكون سبباً لعدم استقرار إقليمي إضافي، يمكن له أن يتطور إلى تهديد فعلي للمصالح الأميركية في المنطقة.