تتابع الأوساط الإسرائيلية عن كثب ما تصفها بـ"العاصفة" التي تجتاح المسلسلات العربية في رمضان، خاصة مسلسل "أم هارون"، مما يشير إلى أن دول الخليج تستعد للتطبيع مع إسرائيل، وجعل هذا المسلسل يثير ضجة تنتهك هدوء رمضان، فمن شارك بإنتاجه مسؤولون في عدة دول خليجية، وتم تصويره في دولتي الإمارات والكويت، ويبث حالياً في جميع أنحاء العالم العربي على قناة MBC السعودية.
تسببت هذه المسلسلات بإغضاب المشاهدين العرب من تصوير اليهود كضحايا، بدلاً من تسليط الضوء على السردية القائلة بأن الفلسطينيين هم ضحايا اليهود، وتصوير قيام إسرائيل على أنها "نهاية الانتداب البريطاني في إسرائيل"، بدلاً من "نهاية الانتداب البريطاني في فلسطين العربية".
تزدحم هذه المسلسلات بسلسلة من الأخطاء التاريخية، وتصدير جمل عبرية ببعض الأخطاء، فضلا عن تقديم الكويت كدولة تعيش فيها جالية يهودية كبيرة، رغم أنه لم يكن لدى دول الخليج سوى مجتمعات يهودية صغيرة، مقارنة بنظيرتها في أجزاء أخرى من العالم العربي، مع أن هذه المسلسلات تصور التاريخ زورا، وتتناقض مع مواقف الكويت المؤيدة للفلسطينيين.
نالت هذه المسلسلات هجوما كبيرا من وسائل الإعلام العربية والمشاهدين، لأنها شكلت استهدافا خطيرا للقضية الفلسطينية، وإنكارا للنكبة الكارثة التي أصابت الفلسطينيين، ويمكن اعتبار الغرض منها تطويع الجمهور العربي للتطبيع مع إسرائيل، وجعل "أم هارون" رمزا للاجئين اليهود من الدول العربية.
ليست المرة الأولى التي يتسبب فيها مسلسل عن اليهود بردود فعل غاضبة، ففي 2015 نشبت عاصفة حول مسلسل "حارة اليهود"، الذي كشف رغبة القيادة المصرية بتشجيع التطبيع مع إسرائيل، وشكل أول اعتراف بترحيل اليهود المصريين، ولم يكن مسلسل "أم هارون" وحده الذي يواجه الانتقادات العربية، فهناك المسلسل السعودي الساخر "المخرج 7".
كشفت هذه المسلسلات عن الاضطراب المحيط بالشرق الأوسط بشأن الموقف من إسرائيل، ويعكس عمق الخلاف في العالم العربي، ومقالات وتعليقات في وسائل الإعلام العربية حولت الانتقادات باتجاه الدول المنتجة لهذه الأعمال، باعتبارها تمارس التهميش للقضية الفلسطينية بشكل منهجي منذ سنوات بدءًا من مبادرة السلام لعام 2002، ودعم صفقة القرن للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وأن هذه المسلسلات هي فن موجه، تهدف لتغيير الرأي العام العربي تجاه اليهود وإسرائيل، مما يمهد الطريق للتطبيع.
يراد من هذه المسلسلات إظهار التغير الجاري في بعض دول الخليج، والتحول في وعيها، فالقنوات التي تبثها تصل كل بيت عربي، ومن الطبيعي أن يخلق هذا التغيير موجة اعتراضات وردود فعل صادمة، لأن الثقافة العربية ليس فيها مكان للضحية سوى الفلسطيني المطرود من أرضه، أما اليهودي فهو صهيوني محتل، والقلق العربي أن تستغل إسرائيل قضية المهاجرين اليهود الشرقيين لإلغاء حق عودة اللاجئين الفلسطينيين.