حين فرضت دول الحلفاء الانتداب البريطاني على فلسطين لم تكن هناك لليهود دولة، ولا شبه دولة لا في فلسطين، ولا في غير فلسطين، بل كانوا مقطعين في الأرض أمما. وكان قادتهم يسعون لدى الدول المختلفة ومنها تركيا العثمانية للحصول على إذن بالهجرة إلى فلسطين. ثم حصلوا على وعد بإقامة دولة لهم على قطعة من أرض فلسطين، وهو ما جسده لهم وعد بلفور في عام ٢٠١٧م.
مقصدنا أن نقول إن قيام دولة (إسرائيل) على ٧٨٪ من أرض فلسطين هو قيام حديث، وكان بعد هزيمة عام ١٩٤٨م، أي إن عمر هذه الدولة المحتلة قصير ولا يتجاوز سبعين سنة، ومن ثمة نسأل هنا مخرج مسلسل (أم هارون) من أين جاء بقوله إن ( إسرائيل) قامت بعد انتهاء انتداب بريطانيا على أرض (إسرائيل)؟!!! حين كان الانتداب لم تكن هناك (إسرائيل)، حتى يزيف المخرج التاريخ القريب ليرضى يهود، أو ليمهد الطريق أمام تطبيع خليجي قادم يهرول نحو تل أبيب؟!
إن وجود دولة (إسرائيل) في فلسطين لم يكن وجودا طبيعيا، وليس له جذور تاريخية ، وتكاد بريطانيا الاستعمارية أن تكون هي الجهة الأولى المسئولة عن إقامة (إسرائيل)، وهي الجهة التي كانت وراء قرار تقسيم فلسطين لدولتين فلسطينية وإسرائيلية؟! ومن ثم كانت حرب ١٩٤٨م آلية عسكرية لإقامة دولة احتلال تستند لتأييد بريطاني، وتأييد أميركي.
إنه على مدى سبعين عاما مضت لم نسمع صوتا في العالم العربي يزعم أن وجود (إسرائيل) كان وجودا طبيعيا، وأن الانتداب البريطاني كان على أرضهم، حتى جاء مخرج مسلسل (أم هارون) التعيس، متحديا التاريخ والعرب، ومزيفا للوقائع والحقائق، دون خجل أو احترام للفلسطينيين والعرب.
مهما ذهب رجال التطبيع المتصهينون في هذا المذهب المسفّ والمزيف، فإن مساعيهم فاشلة وغادرة، وجيل الشباب العرب أشد وعيا بجرائم هؤلاء، ولن ينال هذه التجديف والتزييف من شباب الخليج، فضلا عن شيوخ الخليج وعلماء الخليج، الذين أحبوا فلسطين وضحوا من أجلها.
هذه الأصوات الشاذة التي تتحدى التاريخ وتزيف الحقائق لإرضاء يهود وتضليل الشباب، وتشويه ثقافة العرب، تستحق لا أقول النقد، أو الإهمال، بل تستحق المحاكمة بتهمة الخيانة الوطنية والقومية؟! لماذا لا يتحرك المحامون لرفع قضايا تجريم وإفساد ضد المخرج، والناشر؟! لماذا لا يمثل هؤلاء أمام محاكم وطنية لتبرير تزييفهم لتاريخ ما زال أصحابه أحياء، إذ ما زال أهل فلسطين يجاهدون من أجل استعادة وطنهم والحصول على حقوقهم.
لم يكن الملك سعود وفيصل، وفهد، وغيرهم على خطأ في دعمهم للقضية الفلسطينية، ولم يكن أمير الكويت وعائلته على خطأ لدعمهم المقاومة الفلسطينية، حتى يأتي جماعة من المطبعين والمسترزقين بفلسطين ليشوهوا تاريخ هؤلاء الزعماء وتاريخ دولهم.؟! هل يمكن لمحكمة عربية أو فلسطينية أن تقيم محكمة لمحاكمة المسلسل الذي يتعارض مع الحقائق والتاريخ؟!