فلسطين أون لاين

الفانوس.. أيًّا كان شكله يُبهج الناظرين

...
غزة-هدى الدلو

يستبق محمد اليعقوبي (42 عامًا) وأبناؤه الخمسة كل عام بزوغ هلال شهر رمضان كل عام، بصنع الفوانيس الرمضانية الخاصة بهم وأحبال للزينة من ورق "الفوم" الملون، ليعلقها في البيت ويدخل البهجة والسرور على قلوب أبنائه.

وفي كل مرة يحيط فيها الأطفال والدهم يعود بهم لمرحلة طفولته، عندما كان يحمل فانوسه البسيط الذي صنعه من علبة الحليب وعمل فتحات فيها ليسمح لإضاءة الشمعة التي توضع بداخل العلبة بالخروج.

ومع إجراءات الوقاية من فيروس كورونا المستجد، والتزام البيوت، عمل على استثمار وقت فراغ أبنائه في صناعة الفوانيس بدل إضاعته بلا فائدة.

يقول اليعقوبي في حديث إلى صحيفة "فلسطين": "كل عام أعمل على إضفاء شيء جديد على الفانوس الذي أصنعه لتحفيز أبنائي، وفي العام الحالي أضفت قماش الخيمة المصرية المزركش والملون".

والفانوس من الطقوس الرمضانية التي تدخل البهجة والسرور على قلوب الأطفال، وتهيئهم لاستقبال الشهر، كما أنه –برأي اليعقوبي- يحفزهم نفسيًّا على الصيام والصلاة.

والفانوس جزء من التراث الذي تطور حسب حاجة العصر من شمعة إلى فانوس مضيء.

وعاد المسن جميل السحار (84 عامًا) من جهته، بذاكرته إلى ما قبل أحداث نكبة سنة 1948م، عندما كان طفلًا، وكان الفانوس له مصدرًا للفرحة والبهجة بقدوم شهر رمضان، وكان كل طفل يتولى صناعه فانوسه القائم على أربعة أضلع وبداخله "لمبة كاز"، ليخرج كل منهم حاملًا فانوسه مع ثبوت هلال رمضان.

وحينها كان لسان كل طفل يصدح بأحد الأناشيد المصرية: "وحوي يا وحوي إياحه.. رحت يا شعبان إياحه.. هل هلالك والبدر أهو بان.. شهر مبارك وبقاله زمان".

وفي دردشة مع صحيفة "فلسطين" يشير إلى أن الفانوس تطور على مر الأعوام، فأصبح فانوسًا مضيئًا، وبعدها أضيفت الأناشيد الرمضانية.

وكانوا كل يوم بعد صلاة المغرب يخرجون للعب بفوانيسهم الرمضانية، طقسًا رمضانيًّا لا يمكن الاستغناء عنه، وكأنه إشعار بدخول رمضان، إلى جانب أنه مصدر بهجة وفرح للأطفال.

في السياق يبين الناشط في مجال التراث رفيق عناية أن الفانوس عرف في عهد الدولة العثمانية، إذ كانت السلطات تنير الشوارع به على شكل سراج يعلق على الأعمدة، وكان ذلك مشهورًا في مصر وبلاد الشام.

ويقول لصحيفة "فلسطين": "يُعتقد أن أول من عرف فانوس رمضان هم المصريون، وذلك يوم دخول المعز لدين الله الفاطمي مدينة القاهرة قادمًا من الغرب، وكان ذلك في اليوم الخامس من رمضان عام 358 هجرية، وبعد ذلك صار الفانوس رمزًا للفرحة وتقليدًا محببًا في شهر رمضان".

ويضيف عناية: "كلمة فانوس أصلها فرعوني، كان يستخدم وسيلة إضاءة، وفي الماضي استُخدِم للضرورة لعدم وجود كهرباء في الأيام العادية، وخاصة في رمضان، وكانت توضع الفوانيس في المساجد، وبعضها يعلق في الشوارع من باب الترف كما كان في الأندلس وبغداد".

ويختم حديثه: "خصوصية فانوس رمضان جاءت من تلوينه، لأن الناس كانت تؤجل مشاويرها لبعد الإفطار، فأصبح الاهتمام بالفانوس أكثر وبتزيينه لخصوصية الشهر (...) والآن تطورت الفوانيس مع تطور الصناعة فأصبحت ببطارية بدل الشمعة".