فلسطين أون لاين

أصدر المرسوم وألغى المرسوم

قيادة رعناء، تشتغل بالمقلوب. راودتها فكرة الرحرحة على الناس، فبدأت من حيث يجب أن تنتهي إن كانت جادة في الفكرة، ورأت أن الشريحة التي تريد "إكرامها" على حساب الناس تستحق. اتجهت الى الفئة التي من بينها حفنة صغيرة من السارقين الذين اختلسوا مالاً بذريعة إيجارات سكن، وهم مقيمون في بيوتهم التي يملكونها، ولم يردوا المال حتى الآن رغم أن رد المال مقرر بمرسوم.

فبدل أن تُعيد السلطة رواتب مقطوعة لموظفين محرومين، يعيشون أسوأ ظروف معيشية في حياتهم وفي البلاد، وحرمتهم من رواتبهم بتقارير كيدية، اختصت بـ "كرمها" الفئة المستريحة، علماً بأن قطع الرواتب، أياً كان المقطوع راتبه، اعتداء على الحياة لا يُقره قانون ولا عرف ولا وطنية ولا نظام.

المحنك، الممسك بالسلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، استمرأ حكاية القرارات بقوانين. فهو مصدر الفتوى والتشريع ومحتكر القانون، وصاحب القرار التنفيذي وأين؟ في سلطة شعب ذو تجربة نضالية وعلمية باهرة!

في اليوم التالي على إصدار القانون، أصدر قراراً مضاداً، بقانون، يُلغي القرار السابق، بمعنى أن الغرائز هي البوصلة، فلا استشارات ولا أطر ولا أحد يناقش، بينما الشعب كله، ينتظر انكشاف الغُمة. كل ما في الأمر أن أحدهم من السارقين المترفين على حساب الشعب، جهز له القرار بقانون، فوقع عليه، ثم جاءه اشتيه ووضعه في صورة الأصداء، فأصدر قانونه المضاد.

أيضاً الأخ اشتيه، وهو أكثر عقلانية، راودته فكرة التبرع بيومي عمل، من صغار الموظفين، من بينهم المقلصة رواتبهم الزهيدة، الى أقل من النصف، ولما أدرك أن قيمة يومي العمل تبرعاً، ستحرم الأسرة من احتياجات أساسية؛ لجأ الى التعديل بالمقلوب فقال إن التبرع طوعي، وعلى من لا يستطيع التبرع، أن يبعث برسالة الى وزارة المالية ويبلغها. معنى ذلك أن التبرع القسري مقرر وأن الإستثناء المتاح يتحقق برسالة الى وزير المالية!

الأصل في المنطق المعتدل وليس المقلوب، أن يدعو وزير المالية الى فتح باب التبرع الطوعي، وأن تكون الرسائل من الطرف الذي يرغب في التبرع وليس العكس!

المحنك في المثال الأول، أصدر القرار بقانون، وأرسله الى الجريدة الرسمية، ثم أصدر القرار المضاد بقانون، وأرسله الى الجريدة نفسها. أما رئيس الحكومة فقد قرر التبرع، ثم جعله طوعياً، وفي حال ثبوته فعلياً على الفكرة الثانية، يكون قد مشي مرتين بالمقلوب!

فإلى متى سيظل الشعب الفلسطيني تحت رحمة هذا السيرك السخيف، الذي لا يضبطه نظام، وعلى كل أصعدة العمل ومنظوماته؟!