"نزل من عيني" ردّ فعلٍ يشير إلى تغير صورة أحدهم عند الشخص، هذا التغير يحدث لأسباب متعددة، وقد يكون ناتجًا عن موقف ما، أو بسبب اكتشاف صفة منبوذة فيه، ويختلف رد الفعل من شخص إلى آخر، فقد يرفض الإنسان التعامل مع من يتصف بالكذب، ويرى آخر أن الخائن هو من لا يمكن تكوين علاقة معه، في حين أن "المصلحجي" هو آخر من يتعامل معه أحدهم.
لارتباطه بالثقة
"سوزان مصطفى" تقول: "إن ثبوت صفة الكذب على الشخص أمرٌ كفيل بتغيير علاقتي به، وقد يصل الحال إلى القطيعة التامة"، مضيفةً: "الكذب مرتبط بالثقة، وغياب الثقة يعني توقع أي شيء من الشخص، وهذا ما لا يمكنني تقبله، فكيف أتعامل مع شخص قد يتصرف بعكس ما يقوله، ويسيء لي في أي لحظة؟!".
وتتابع: "الكذب يجعلني أرى من يتصف به أنه صاحب شخصية متناقضة، تضمر عكس ما تعلن، وكذلك الخيانة، فهاتان الصفتان إن وجدتا كلتاهما أو إحداهما تشيران إلى أن تصرفات الفرد غير مضمونة".
وعن التعامل مع من يتصف بالكذب أو الخيانة تقول: "إن تبينَ لي وجودُ إحدى هاتين الصفتين في شخصٍ قريب مني وتربطني به علاقة وثيقة؛ فالأمر كارثي، لأنني لن أتمكن من التعامل معه بشكل طبيعي، ولكني في الوقت نفسه لن أقوى على مقاطعته، أما إذا كانت علاقتي به غير وثيقة فأتعامل معه بشكل رسمي وجاد".
الكذب أيضًا هو ما يغيّر نظرة "محمد مُهاب" إلى الآخرين، مُضافًا إليه عدم الانتظام بالصلاة، وعن ذلك يقول: "نشأت على أن الكذب مرفوضٌ تمامًا، شرعًا وأخلاقًا، ولكن ما أراه أنه نهج حياة لدى معظم الناس، ولما كنا جميعًا نقع في الخطأ بفعل طبيعتنا البشرية؛ فإنني أفوّت للشخص كذبه عدّة مرات، ولكن إن تبيّن لي أنه يكذب باستمرار أفقد الثقة فيه، ليقيني بأن الكذب مقدمة لكل الصفات السيئة".
ويضيف: "أما الصلاة فهي عماد الدين كما تعلّمنا في صغرنا، ولا عذر لتركها، ولطالما تساءلت كيف يتهاون المسلم في أداء هذا الركن؟!، وأشعر أن من يقصّر في حقّ الله بأهم ركن بعد الشهادتين قد يقصّر في أي شيء، ويقع في أي خطأ".
أما "سعاد النجار" فتهتم جدًّا بأن يكون الشخص الذي تتعامل معه ثابتًا على مبادئه، وألا يكون "مصلحجيًّا"، لأن الباحث عن مصلحته ولا يتحلى بالتمسك بمبادئه قد يتنازل عن أي شيء ليحصل على ما يريد، على حد قولها.
حسب الأفكار
وتقول الاختصاصية النفسية ليلى أبو عيشة: "إن معايير تشكيل نظرة ما عن الآخرين تختلف من شخص إلى آخر، فالفرد يرى الناس من منظوره الخاص"، مضيفة: "يختلف الأمر حسب المبادئ والأفكار التي يؤمن بها الفرد، والأسس الراسخة التي تربّى عليها منذ الصغر، ومقدار تمسكه بما لديه من مبادئ".
وتتابع في حديثها لـ"فلسطين": "هذه العوامل تتحكم فيما يقبله الشخص ويرفضه من صفات، وبذلك تتحكم في نظرته إلى الناس، وفي تغير صورة الناس عنده وفقًا لصفاتهم وطباعهم".
وتبين أبو عيشة أن الصفات والطباع تتشكل بفعل الظروف الاجتماعية والتربوية التي عاشها الفرد، وفي المقابل على الشخص أن يكون متوازنًا في نظرته إلى الآخر، فلا يحكم عليه وفقًا لأول خطأ يراه منه، وإنما يتغافل عنه ويلتمس له الأعذار في البداية، وإن تكرر الأمر فلابد من تغيير رأيه فيه بالفعل، وأن يحدد شكلًا جديدًا لعلاقته به وفقًا لما بدر عنه.
وتذكر أن من أبرز الصفات التي تساهم في تغيير النظرة إلى الآخرين الكذب، وتغيير الحقائق بإنقاصها أو الزيادة عليها، لارتباط هذه الصفة بالثقة، وكذلك نقل الكلام بقصدٍ أو بغير قصد، وأن يتحدث الشخص بكل ما يسمع للآخرين دون الاكتراث بالسلبيات الكبيرة التي قد تنتج عن سلوكه، وحب الذات إلى درجة الأنانية، ما قد يسبب الأذى لغيره.
وتشير إلى أن تغير النظرة تجاه شخص ما يؤدي إلى تغير في التعامل في كثير من الأحيان، وفقدان الثقة به، وكذلك يتغير شكل العلاقة، فقد تأخذ الطابع الرسمي المقتصر على التواصل بالحد الأدنى.