فلسطين أون لاين

لنقرأ المكتوب الأمريكي من عنوانه


أربعة أيام من المفاوضات الخاصة بين أمريكا وإسرائيل حول تجميد الاستيطان في البؤر النائية، مع استمرار التوسع الاستيطاني في الكتل الاستيطانية، ومع ذلك لم يتم التوصل إلى اتفاق كامل بين الطرفين، وإنما تم التفاهم على الخطوط العريضة للتوسع الاستيطاني، وهذا ما أشار إليه سفير إسرائيل لدى واشنطن رون دريمر، حين قال: لأول مرة منذ عقود هناك تنسيق كامل بين إسرائيل وأمريكا، هذه الشهادة قدمها السفير الإسرائيلي أمام مؤتمر اللوبي اليهودي "ايباك"، وهي شهادة معتمدة؛ لأن السفير الإسرائيلي شارك في المحادثات الأخيرة حول البناء في المستوطنات، ولا يمكن أن يقدم لهذا المحفل اليهودي المتابع للشأن الإسرائيلي شهادة زائفة.

لقد تفاوض الفريق الأمريكي مع الفريق الإسرائيلي حول الاستيطان بغياب الطرف الفلسطيني، ولهذا التغييب الفلسطيني معانٍ سياسية كثيرة؛ أقلها الإهمال والتجاهل الأمريكي للقيادة الفلسطينية، أو تساوي غياب القيادة الفلسطينية مع حضورها في القرار الأمريكي، ولهذا فوضت أمريكا أطقمها الخاصة لمفاوضة أطقم الإسرائيليين في موضوع يخض الأرض الفلسطينية، وهي تعلم أن القيادة الفلسطينية لا تمتلك حق الرفض لما تقبل به أمريكا!.

لقد أكدت الحقيقة السابقة تحركات المندوب الأمريكي في المنطقة جيسون غرينبلات، حيث تجاهل في لقاءاته القيادة الفلسطينية قياساً بلقاءاته مع كل ألوان الطيف السياسي في إسرائيل، حيث التقى الرجل مع نتنياهو لمدة خمس ساعات، بعد ذلك التقى جيسون غرينبلات مع سفير إسرائيل في أمريكا، ثم التقى مع رئيس الدولة رؤوبين ريفلن، ثم التقى مع زعيم المعارضة إتسحق هرتصوغ، ثم التقى مع قادة المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية، وهذا لقاء خطير يحمل معاني الاعتراف بالاستيطان حقيقة قائمة على الأرض، ثم التقى غرينبلات مع منسق شؤون المناطق يوآف مردخاي، ولهذا اللقاء دلالات تشير إلى الاعتراف الأمريكي بالجهة صاحبة القرار في الضفة الغربية، ثم التقي جيسون غرينبلات ثانية مع نتنياهو.

أما في واشنطن فقد التقى جيسون غيرنبلات مع زعيم البيت اليهودي نفتالي بينت، واستمع له جيداً، ثم التقى غرينبلات مع تسفي ليفني، وناقشها في فكرة الاستيطان.

مقابل كل تلك اللقاءات الموسعة مع الإسرائيليين، التقى المبعوث الأمريكي مع محمود عباس مرة واحدة فقط، ولمدة ساعة ونصف الساعة فقط!!!

فهل جملة اللقاءات السابقة تعني الاهتمام بالقضية الفلسطينية أم الإهمال للقيادة الفلسطينية؟

لقد فسر ذلك مبعوث السلام إلى الشرق الأوسط، توني بلير، الذي أكد أمام منظمة إيباك اليهودية، على ما قدمه جيسون غرينبلات من مقترحات، فقال بلير: "نحن لن نتوصل إلى السلام وفقا للطريقة القديمة، نحتاج إلى طريقة جديدة من أجل التقدم"، وأضاف توني بلير: عملية التسوية بين اسرائيل والدول العربية، والتي يشارك فيها، تتقدم بشكل جيد، فنحن نعمل على التوصل إلى تفاهمات مع الدول العربية السنية المحيطة بإسرائيل أولاً، ومن ثم السعي للتوصل الى اتفاق مع الفلسطينيين، وهو الموقف الذي يسعى اليه بنيامين نتنياهو!

بعد هذه المفاوضات الأمريكية الإسرائيلية، وبعد هذه الزحمة في اللقاءات الأمريكية الإسرائيلية، وبعد هذا التصريح الصريح من توني بلير، هل يمكننا قراءة خريطة التحركات السياسية للمرحلة القادمة؟ وهل يمكننا قراءة المكتوب الأمريكي من عنوانه؟