فلسطين أون لاين

غياب "التراويح" في الأقصى يبكي العيون على فراقه

...
القدس المحتلة-قلقيلية/ مصطفى صبري:

لم يكن لدى المصلين في المسجد الأقصى تصور -لاسيما في شهر رمضان من كل عام- ألا يكون هناك صلاة البتة في المسجد القبلي، والساحات والمصاطب، والقباب والأروقة، والمصليات المسقوفة هذا العام.

إمام المسجد الأقصى في شهر رمضان الحافظ للقرآن الشيخ سعيد ملحم القلقيلي يقول: "منذ 12 عامًا أتولى الإمامة في صلاة التراويح بالمسجد الأقصى في شهر رمضان، وأصبحت هذه الصلاة التي أنتظرها من العام إلى العام جزءًا من حياتي بل هي كل حياتي، فمنبر المسجد الأقصى ومحرابه اختلطا بمشاعري وقلبي، ولم أكن أتصور أنني سأحرمه إلا في حالة الموت، أما أن أحرمه أنا وجميع من يتوق للمسجد الأقصى بهذه الصورة فهي القاصمة لي ولغيري وللشيوخ الذين كانوا معي عندما كنا نتناوب على صلاة التراويح".

ويضيف لصحيفة "فلسطين": "كثير من المحبين والأصدقاء أرسلوا لي مقاطع لصلاة التراويح التي أديتها العام الماضي وطارت مشاعري ولم تهدأ، ولعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا، فتكون الصلاة والتراويح، فزمن كورونا أوجعنا كثيرًا بإغلاق المساجد، وفي مقدمتها المسجد الأقصى".

المعتكف الشيخ رياض ولويل (63 عامًا) من مدينة قلقيلية يقول: "لم أغب عن الاعتكاف في المسجد الأقصى منذ أكثر من 15 عامًا، فكان شهر رمضان كله اعتكاف مع زوجتي وابني الصغير الذي هو اليوم طالب في كلية الدعوة الإسلامية، فهذا العام هو نكبة حقيقية كنكبة فلسطين التاريخية".

ويتابع: "لو كان الوصول للمسجد الأقصى متاحًا ولو حبوًا لذهبت إليه في شهر رمضان، أتذكر العام الماضي كيف حاول الاحتلال منعنا من الاعتكاف في بداية الشهر الفضيل وأخرجنا منه، ولكن عدنا إليه فجرًا بعد مبيتنا في البلدة القديمة بأحد المساجد، ولم نغادر المسجد الأقصى، وبقينا رغمًا عن أنف الاحتلال الذي استسلم لصمودنا".

عضو الهيئة الإسلامية العليا في القدس الشيخ مصطفى أبو زهرة يقول من جهته: "مقر الهيئة الإسلامية في باب السلسلة، ويبعد عن المسجد الأقصى بضعة أمتار (...) أذكر حركة المصلين والزحام في المكان، وذهول الاحتلال والمستوطنين من إعمار المسجد الأقصى بعدد يزيد على المليون طوال شهر رمضان، والجمع الرمضانية، فهذا الوقت سيكتبه التاريخ بأحرف ملئت حزنًا وكمدًا، فغياب الصلاة في المسجد الأقصى طامة كبرى وكارثة علينا جميعًا، ولا نملك إلا أن نقول: اللهم اصرف عنا الوباء والبلاء حتى يعود المسجد الأقصى عامرًا بالمصلين طاردًا للمحتلين والمستوطنين".

رئيس الهيئة عكرمة صبري المبعد عن الأقصى، يتحدث بحرقة ومرارة: "طوال عمري الذي زاد على الثمانين عامًا لم أتصور أن المسجد الأقصى سيكون فارغًا، فالصلاة فيه كانت الحياة له، وعندما أشاهد الجمعة بخطيب بلا مصلين يتفطر القلب كمدًا، فهذا الأمر جلل وصعب على النفس"، متابعًا: "جائحة كورونا أصابت المسجد الأقصى بمصيبة عظيمة، ومع ذلك هو حاضر في كل وجداننا".

لكن هذه الظروف لن تكون حائلًا بين الفلسطينيين والمسجد الأقصى، يقول صبري: "سيكون لنا في رمضان نفحات إيمانية من قلب القدس عبر الدروس والمحاضرات واللقاءات من طريق التواصل الإلكتروني، للحديث عن زوايا عديدة تخص المسجد الأقصى، فلن يكون الأقصى وحيدًا في وجدان الأمة، وصلاة التراويح التي كانت تبث للعالم سيستعاض عنها بمحاضرات ودروس ووقفات إيمانية من داخل القدس".