فلسطين أون لاين

حزن يخيم على القدس المحتلة

الجمعة الأولى من شهر رمضان مضت حزينة في المسجد الأقصى، فجائحة "كورونا" فرضت حفظ الأبدان والأجساد، في حين كان بالإمكان أن تقام الصلوات بشكل مدروس مع الاحتياطات والتباعد وبأعداد قليلة، كما حصل في المسجد الحرام بمكة المكرمة.

لقوة الاشتياق للصلاة في المسجد الأقصى راح مصلون من القدس المحتلة يصلون على بواباته، مع قطرات من الدمع الرقاقة، انتابتهم لفراق ساحاته وأروقته، وراحوا يدعون أن يكشف الله الغمة بزوال "كورونا" وزوال الاحتلال معه.

اختفت حلاوة الصيام والاعتكاف في المسجد الأقصى، وأداء الصلاة في أروقته وساحاته، خاصة النفحات الإيمانية مع صلاة التراويح والفجر، وباتت أمنية لا تطال بسبب "كورونا".

"كورونا" مع ممارسات الاحتلال جعلت الأقصى مكبَّلًا بكل أنواع السلاسل وألوان الحزن من قبل الاحتلال، وحتى قبل "كورونا" كانت الصلاة في المسجد الأقصى ممنوعة على رواده المصلين من الضفة الغربية، ومنعه عن مليار ونصف من المسلمين.

تبكي وتحزن مدينة القدس -أرض الإسراء والمعراج- لشدة مصابها في شهر رمضان، فالاحتلال من جهة، وفيروس "كورونا" من جهة أخرى، هذا عدا عن أنك بالكاد تجد من تصيبه الحرقة والغيرة لمصابها والاكتفاء بالفرجة على هدم منازل المقدسيين وطردهم وسجنهم ونفيهم عن القدس المحتلة.

الاحتلال كان أصلًا قبل "كورونا" يضيق على المقدسيين والوصول للمسجد الأقصى بوضع الحواجز والتفتيش المهين والمذل، فكيف مع "كورونا"؟

يتحسر المصلون من أهالي الضفة الغربية وغزة على ما قبل عام 67؛ أيام الزمن الجميل، ويشتاقون لها كثيرًا؛ يوم أن كان المسجد الأقصى مفتوحًا طوال العام للصلاة فيه دون حواجز أو عوائق أو تفصيلات وممنوعات وتقسيمات للأعمار فوق الخمسين وتحت الخمسين، ودون القفز عن الجدار أو الجرح والاعتقال لتحقيق أمنية الصلاة في الأقصى.

بسبب "كورونا" والاحتلال، أصبحت الروحانيات الجميلة ولذة العبادة والنفحات الإيمانية في باحات المسجد الأقصى معدومة وغير موجودة هذا العام، عام 2020، وكأن المقدسيين يعيشون كابوسًا يتمنون أن ينتهي سريعًا.

قبل "كورونا" كانت الصلاة في الأقصى المبارك بحاجة لتصريح لها من قبل سلطات الاحتلال، والتصريح مؤقت بحسب مزاج ضباط المخابرات وتقديراتهم القائمة على أمن مزعوم كله هوس غير موجود على أرض الواقع.

الاحتلال سمح بتأدية صلاة التراويح في الساحات بشروط خشية "كورونا"، ولو أراد أن يسمح بالصلاة في المسجد الأقصى لفعل، بالشروط ذاتها، ولكن أيضًا رغم أن القوانين والمواثيق الدولية التي لا تجيز المس بحرية العبادة تحت أي حجة كانت، فإن تذوق حلاوة الإيمان والتنعم بهدوء النفس والروح في باحات المسجد الأقصى، بات أمنية وحلمًا لا يتحقق، وأمرًا لا يطاله حتى جيران الأقصى.

اختفى منظر عشرات آلاف المصلين وهم يملؤون باحات الأقصى، ويصطفون بسلاسة ورتابة ونظام دقيق، رغم توجيه مئات البنادق نحو صدروهم، في أي صلاة أو جمعة رمضانية، ليكون شهر رمضان حزينًا لهذه السنة أيضًا.

مع جائحة "كورونا"، ورغم الحزن الشديد، فإن الصوم يكون أكثر أجرًا؛ ولو بأضعف الإيمان عبر الدعاء بالصبر والثبات لأهالي القدس المحتلة، وتسليط الأضواء على معاناتهم، من تهويد للمقدسات، وتهجير وطرد، وهدم للمنازل، وملاحقة حتى أطفالهم وسجنهم... فهل فعلنا ولم ننسَ معاناة القدس المحتلة؟!