ما زال الفلسطينيون يعدون موقف الكويت الشقيقة موقفا عربيا قوميا متقدما في الدفاع عن القضية الفلسطينية والحقوق الفلسطينية، ورفض التطبيع، وما زالت الديمقراطية الكويتية حصنا لهذا الموقف الوطني القومي، فأصوات قادة البرلمان، ومنهم مرزوق الغانم، رئيس البرلمان الكويتي، تبعث على الفخر، حتى أن غزة علّقت له صورة كبيرة على حائط المجلس التشريعي تقديرا لكلماته ومواقفه العربية المشرفة.
الكويت كانت وما زالت مركزَ إشعاعٍ ثقافيٍّ معتبرًا، وقد تتلمذنا في الشباب سياسيا وأدبيا على صحفها: (السياسة الكويتية، والمجتمع، والوعي الإسلامي، والعربي). ونحن نعلم أن من الكويت انطلقت الثورة الفلسطينية، ومنها خرج قادة حماس الكبار أمثال خالد مشعل، والخضري، ونزال، وماهر صلاح، وغيرهم. وما زالت الكويت الدولة والشعب مع فلسطين، ومع دعمها بكل ممكن ومستطاع.
الكويت أميرا وحكومة وبرلمانا لديهم من الحكمة والالتزام القومي والإسلامي ما يبعث فينا نحن الفلسطينيين اطمئنانا أن أي انحراف عن المبادئ العامة للسياسة الكويتية سيجد له معالجة سريعة ومسئولة.
إن هذه الثقة التي تسكننا هي التي تدفعنا إلى القول إن ثمة جهة فنية كويتية تنحرف بالموقف الكويتي الرسمي وتنحاز إلى العدو الصهيوني من خلال مسلسل (أم هارون)، الذي يقدم صورة تستجلب العطف على اليهود على حساب الفلسطينيين، وتظهر اليهود كأنهم كانوا مضطهدين في فترة الأربعينيات من القرن الماضي، الأمر الذي يبرر لهم الاستيلاء على فلسطين واضطهاد الفلسطينيين. وقد رأت جهات فلسطينية في المسلسل انحرافا ثقافيا وأخلاقيا عن الحقيقة، وعن الواقع.
لقد تعرض اليهود الذين كانوا يسكنون الدول العربية في فترة الأربعينيات إلى عمليات اضطهاد مبرمجة، ولكن من الحركة القومية الصهيونية التي تبنت مشروع تهجير اليهود إلى فلسطين من خلال إحداث تفجيرات في حارات اليهود في بغداد، والقاهرة، ودول عربية عديدة، ذلك لأن يهود البلاد العربية لم يكونوا يتبنون الحركة الصهيونية القومية، ولا يرغبون بالهجرة إلى فلسطين.
اليهود في بلاد العرب كانوا سادة، آمنين على أموالهم وأحوالهم، وما اعتدى عليهم مسلم أو نصراني، وكانوا يمارسون عبادتهم بحرية، وكانوا تجارا وأصحاب شركات، ولهم كلمة في السياسة الداخلية، وما زالت كلمتهم مسموعة في المغرب العربي. فكيف لمسلسل أن يجعلهم ضحية للمسلمين في حين هم كانوا ضحية للقومية الصهيونية.
لو كنت مكان المثقف الكويتي، والدولة الكويتية لأمرت بوقف بث هذا المسلسل، في الوقت الذي تعتزم فيه حكومة نتنياهو ضم الأغوار بعد ضمها القدس! الرأي والرأي الآخر لا يخيفاننا، ولكن لا ينبغي أن يكونا مطية لتقديم معلومات مشوهة، والقيام بعملية غسيل دماغ للمثقفين الجدد، ممن يشاهدون هذا المسلسل، وليست لهم دراية كافية بجرائم اليهود، لأنهم لم يعيشوا نكبة فلسطين، وحروب إسرائيل العدوانية.؟! لا ينبغي للفن أن يحرف الحقيقة من أجل تحقيق الشهرة، أو تحقيق كسب مادي. الفن كان وما زال صاحب رسالة ومسؤولية.