فلسطين أون لاين

شقيق الشهيد البرغوثي: تعرض لتحقيق وتعذيب قاسيَيْن أديا لتدهور صحته

...
غزة/ يحيى اليعقوبي:

سمع الأسرى صوت ارتطام من جهة مكان "الاستحمام" داخل السجن، أخبروا إدارة السجون بذلك، نادوا على السجانين من نافذة غرف السجن، قرعوا الأبواب، مرت الدقيقة وتلتها أخريات، ومرت أربعون أخرى، حتى جاءت إدارة السجون وفرق طبية خلعوا الباب ليجدوا الأسير نور جابر البرغوثي (23 عاماً) ممددا على الأرض فاقد الوعي، و حالته متدهورة بعد تركه طوال هذه المدة دون نقله لسيارات الإسعاف حتى أعلن عن وفاته ويرتقي شهيدًا في مستشفى "سوروكا" الإسرائيلي.

لم تكن حادثة الاستشهاد إلا نهاية لمسلسل القتل البطيء بجملة من الأدوات الممنهجة التي مارستها إدارة سجون الاحتلال مع البرغوثي، وقبلها مع مئات الأسرى الفلسطينيين. يعيد شقيقه محمد البرغوثي ذكرها في حديثه الهاتفي مع صحيفة "فلسطين" بدأه  بكلمات من الاسترحام على روحه الطاهرة والتمني ألا يتكرر هذا المسلسل مع الأسرى كما جرى مع شقيقه.

 

تحقيق قاسٍ

وقال البرغوثي بعد أن تمالك نفسه: "اعتقل أخي في 23 فبراير/ شباط 2017م من المنزل (في بلدة عابود شمال غرب رام الله) وأدخل إلى تحقيق قاسٍ استمر 120 يوماً في سجن عسقلان في العزل الانفرادي، ثم أخرج إلى غرف الأسرى لمدة 25 يوماً في السجن ذاته، وبعدها خضع لتحقيق عسكري لمدة 60 يوماً في مركز "المسكوبية" في القدس، استخدم فيه الاحتلال كل أنواع التعذيب، ما أدى لتدهور حالته النفسية وحدوث ارتجاج بأعصاب الرأس بشكل مستمر ظل يعاني منها حتى آخر لحظاته".

"حينما خرج من التحقيق إلى أقسام وغرف الأسرى، حاول الأسرى التخفيف من حالته النفسية ورفع معنوياته، ثم انتقل إلى سجن النقب الصحراوي، لكنه ظل يعاني من الآلام، ولم تستجب إدارة سجون الاحتلال لطلبه بالكشف عما يعانيه".. قالها والألم يعتصر صوته حزنا على فراق شقيقه.

أسر الاحتلال البرغوثي الذي يعمل في الزراعة قبل ثلاث سنوات، وحكم عليه بالسجن لمدة ثماني سنوات بتهمة إطلاق نار على أهداف عسكرية.

وأضاف شقيق الشهيد: "لا يمكن وصف حجم التعذيب والضرب والشبح الذي مورس عليه حتى تدهورت حالته الصحية".

وعن زيارته الأخيرة لشقيقه الشهيد قال البرغوثي: حدثني يومها عن حالة ارتجاج عصبية تأتيه نحو ثلاث مرات يوميا، كان متعبا منهكا، وأخبرني أن إدارة السجون لم تستجب لطلبه في العلاج، فقط كانوا يعطونه مسكن "الأكامول"، لذا من يتحمل مسؤولية استشهاده الاحتلال كونه السبب في سجنه وتعذيبه والضغط عليه بأبشع الوسائل المعروفة وغير المعروفة.

 

اللحظات الأخيرة

وتابع: "دخل لمكان "الدش" (مكان للاستحمام) الساعة السابعة مساءً، مرت ربع ساعة حتى سمع الأسرى صوت ارتطام، دخلوا فوجدوا أخي ممددا على الأرض، بلغ الأسرى إدارة السجون التي بدورها جاءت وخلعت الباب بعد 40 دقيقة، وأجرت له إسعافا أوليا، وعاد النفس والنبض، ثم حولته لمستشفى سوروكا، وهناك أعلن عن استشهاده، ولا يوجد أكثر من هذه المعلومات المتوفرة لدينا حتى الآن".

بنبرة صوت غاضبة يستهجن ما قامت به إدارة السجون: "كيف يترك أسير مغمى عليه لمدة 40 دقيقة؟ كان يمكن إنقاذه وإسعافه (..) هم يتبعون هذا النهج يوميا بعد الساعة السادسة مساءً، يغلقون الأبواب ولا يكترثون لما يجري داخل الأقسام والغرف، وما حدث مع أخي دليل على ذلك".

وباستشهاد الأسير البرغوثي يرتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة إلى 223 شهيداً منذ عام 1967م.