تعرض النفط الأمريكي إلى هزة كبيرة ، أربكت الأسواق المحلية والخارجية، حينما سجلت أسعاراً دون الصفر، وبات التخوف قائماً من انهيار تداعيات ذلك على حجم التجارة الدولية وأسعار صرف دولار أمام العملات خاصة الشيقل؟ فكيف يقرأ الاختصاصيون الاقتصاديون ما حدث؟ وما هي رؤيتهم القادمة؟
وسجل العشرين من أبريل الجاري أول يوم يبلغ فيه سعر نفط أميركا الشمالية المعروف باسم "خام غرب تكساس" سعرا سلبيا، وذلك منذ بدء عمليات البيع المستقبلية للنفط عام 1983، ووصل سعر برميل خام غرب تكساس الوسيط إلى 37.63 دولارا تحت الصفر.
يقول الاختصاصي الاقتصادي د.رائد حلس: "لا شك أن تراجع أسعار النفط الأمريكي الحاد ووصوله إلى ما دون الصفر يعتبر المرة الأولى في التاريخ الذي تصل إليه أسعار النفط".
وأضاف لصحيفة" فلسطين "يعود تراجع أسعار النفط الأمريكي لهذا المستوى إلى تراجع الطلب على النفط ومشتقاته خلال الأشهر الماضية بسبب توقف عجلة الاقتصاد العالمي وإجراءات الإغلاق الشامل وتوقف العديد من المصانع عن العمل، في مختلف دول العالم جراء تفشي وانتشار فيروس كورونا.
وتابع قوله: "لم يكن التراجع في أسعار النفط الأمريكي فقط بل كان التراجع أيضا في أسعار النفط العالمي بسبب تراجع الطلب العالمي من جهة، وبسبب الصراع المعلن بين منظمة الدول المصدرة للنفط – أوبك وروسيا بسبب الخلافات الحادة على حجم الإنتاج العالمي.
"بطبيعة الحال يترتب على انخفاض أسعار النفط مكاسب للمستهلكين وخسائر فادحة للمنتجين، وتشمل مكاسب المستهلكين الدول المستوردة والدول المنتجة أيضاً يتمثل في الاستفادة من انخفاض أسعار المنتجات النفطية التي سوف تنخفض بسبب انخفاض أسعار النفط" يقول حلس.
ويبين أن أبرز تداعيات تراجع النفط الأمريكي والعالمي لهذا المستوى هو عرقلة تطور الطاقة المتجددة المولدة من المساقط المائية والمصادر الشمسية والريح والجيو حرارية والعضوية نتيجة ان تكلفة الطاقة باستخدام النفط ستصبح أقل من تكلفة الطاقة المتجددة والمولدة.
أيضاً فإن انخفاض أسعار النفط سيترتب عليه انخفاض في أسعار الغاز في المناطق الذي يسود فيها التسعير بعقود حيث يرتبط تسعير الغاز بأسعار النفط الخام ومنتجاته.
وبالإضافة إلى ذلك يقول حلس، سوف يتأثر سعر صرف الدولار مقابل سلة العملات المختلفة جراء انخفاض أسعار النفط نتيجة الخسائر الاقتصادية الفادحة التي سوف يتكبدها الاقتصاد الأمريكي جراء هذا الانخفاض لا سيما وأن أسعار النفط مرتبطة بعملة الدولار الأمريكي وبالتالي سوف ينخفض سعر الدولار مقابل سلة العملات الخاصة بدول العالم.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصف في وقت سابق، الانهيار التاريخي الذي شهدته أسعار النفط بأنه قصير الأجل وناجم عن ضغوط مالية، مضيفاً أن ادارته ستدرس وقف شحنات النفط القادمة من السعودية، وأن بلاده ستستغل الانهيار الحاصل لشراء 75 مليون برميل لملء مخازنها الاستراتيجية من النفط.
غير أن الاختصاصي الاقتصادي د.هيثم دراغمة، اعتبر أن ما حدث من انهيار في أسعار النفط في واشنطن، حدث طارئ، لن يؤثر كثيرا على بقية القطاعات الاقتصادية الأخرى في أمريكيا، ذلك أن بقاء النفط زائداً عن الحاجة دون استخدامه في العمليات الانتاجية يزيد من التكلفة.
ويشدد دراغمة لصحيفة "فلسطين" على أنه ليس من مصلحة الدول انهيار الاقتصاد الأمريكي في الوقت الراهن، لأن انهياره سيتبعه انهيار اقتصاديات اخرى.
ويبين أن تهاوي أسعار النفط سيؤثر كثيراً في موازنة الدول الخليجية.
كما توقع الاقتصادي دراغمة عودة الدولار إلى التعافي أمام العملات الأجنبية الأخرى.
وعن صمود الشيقل الاسرائيلي أمام الدولار، قال ان حكومة الاحتلال تسعى لتقديم أي شيء من أجل بقاء الشيقل صامداً كما أنها تتجه لتخفيض أسعار الفائدة لتحقيق اغراض اقتصادية ومعالجة الاشكالات في الموازنة العامة.