فلسطين أون لاين

أثر أزمة كورونا على اقتصاد غزة المنهك

يعاني الاقتصاد في قطاع غزة من سياسة الحصار التي تفرضها (إسرائيل) للعام الثالث عشر على التوالي، إضافة إلى الحروب والهجمات العسكرية الإسرائيلية المتكررة، التي عمقت من الأزمة الاقتصادية نتيجة للدمار الهائل الذي خلفته في البنية التحتية والقطاعات الاقتصادية كافة.

كما أن التأخر في عملية إعادة الإعمار خصوصًا في القطاع الاقتصادي وعدم تعويض الشركات المتضررة كان له انعكاسات خطيرة على الأوضاع الاقتصادية، وحذرت العديد من المؤسسات الدولية من انعكاسات إبقاء الحصار المفروض على القطاع، وتأخر عملية إعادة الإعمار على النواحي كافة الاقتصادية والاجتماعية والصحية والبيئية، إذ ذكر تقرير صادر من الأمم المتحدة بتاريخ 27/8/2012م أن قطاع غزة لن يكون "ملائمًا للعيش" بحلول عام 2020م، إن لم تتخذ إجراءات عاجلة لتحسين إمدادات المياه والكهرباء وخدمات الصحة والتعليم.

وقال منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة ماكسويل غيلارد حينذاك: "ينبغي القيام بتحرك الآن حتى تكون غزة مكانًا يمكن العيش فيه بحلول 2020م، والعيش فيها صعب الآن بالفعل".

ويعاني قطاع غزة أزمات عديدة على رأسها ارتفاع معدلات البطالة التي تتجاوز 50%، وبلغ عدد العاطلين عن العمل أكثر من ربع مليون عاطل، وبحسب بيانات البنك الدولي إن معدلات البطالة تعد الأعلى عالميًّا.

وارتفعت معدلات البطالة بين فئة الشباب والخريجين في الفئة العمرية من 20-29 سنة الحاصلين على مؤهل دبلوم متوسط أو بكالوريوس في قطاع غزة لتتجاوز 69%، وارتفعت نسبة الفقر لتصل إلى 53%، وبلغت نسبة انعدام الأمن الغذائي لدى الأسر 68% أو نحو 1.3 مليون نسمة، و80% من السكان يعتمدون على المساعدات الغذائية.

وتأتي أزمة فيروس كورونا لتعمق الأزمات الاقتصادية في القطاع نتيجة لتوقف العجلة الاقتصادية، وتوقف الإنتاجية في بعض الأنشطة الاقتصادية، وانخفاضها بنسب متفاوتة في مختلف الأنشطة، وذلك سوف يتسبب في ارتفاع معدلات البطالة والفقر، إذ تعطل عن العمل ما يزيد على 45 ألف عامل هذا، إضافة إلى الخسائر الفادحة التي سوف يتكبدها أصحاب المنشآت الاقتصادية.

ويعد القطاع السياحي من أكبر القطاعات المتضررة، وبلغت نسبة توقفه 100%، إذ إن السياحة في غزة تعتمد بالأساس على الزائرين القادمين من الخارج، إضافة إلى إغلاق المنشآت السياحية مثل المطاعم وقاعات المؤتمرات وورش العمل، وصالات وقاعات الأفراح، إلى جانب إلغاء جميع الحجوزات، إضافة إلى إغلاق شركات السياحة والسفر وشركات الحج والعمرة، وهذا أدى إلى تضرر العاملين في القطاع السياحي، إضافة إلى الالتزامات اليومية المطلوبة من أصحاب العمل، ويبلغ عدد العاملين في الأنشطة ذات العلاقة بالقطاع السياحي في قطاع غزة نحو 8,700 عامل.

كما تضرر قطاع النقل والمواصلات إذ توقف بنسبة 80% بسبب توقف الجامعات والمدارس ورياض الأطفال، إضافة إلى قلة حركة المواطنين داخل القطاع، وتضرر ما يزيد على 3000 عامل ممن يعملون في هذا القطاع.

وشهد القطاع الصناعي تراجعًا ملحوظًا في الإنتاجية في القطاعات الصناعية كافة مع الإجراءات الاحترازية لمواجهة تفشي فيروس كورونا، إذ فقد نحو 10000 عامل وظائفهم، وتمثلت القطاعات الأكثر تضررًا في قطاعات الصناعات الإنشائية والورقية والهندسية والمعدنية والخشبية والألمونيوم، أما القطاعات الأقل تضررًا فتمثلت في قطاع الخياطة والنسيج سوى عدد محدود من مصانع هذا القطاع التي عملت على إنتاج الملابس الواقية من الفيروس، تلتها الصناعات الجلدية والخشبية، إضافة إلى قطاع الطاقة المتجددة الذي بات يعتمد في أعماله حاليًّا على الصيانة.

وشهدت القطاعات التجارية المختلفة تراجعًا ملحوظًا إذ انخفضت قدرتها الإنتاجية بنسبة تتراوح بين 60% إلى 70%، بسبب انعدام القدرة الشرائية وتوجه المواطنين إلى القطاعات الأكثر احتياجًا، وتمثلت في المواد الغذائية، ومواد التنظيف والوقاية والمستلزمات الطبية، وتراجعت القطاعات التي لم تعد ذات أهمية للمواطنين مع جائحة كورونا التي تمثلت في بيع الملابس والأحذية، والمكتبات والقرطاسية التي تأثرت بتوقف المدارس والجامعات وباقي القطاعات الأخرى المختلفة.

وشهد قطاع تكنولوجيا المعلومات تراجعًا حادًّا في الإنتاجية يعود إلى انخفاض القدرة الشرائية الناتج عن قيود الحركة في قطاع غزة، وتضرر ما يزيد على 3000 عامل ممن يعملون في شركات عتاد الحاسوب والجوالات، والبرمجيات، ومزودي الإنترنت، والتدريب والاستشارات.

وأدت جائحة كورونا إلى وقف شركات المقاولات أعمالها إلا في المشاريع الطارئة، وتعطلت نحو 200 شركة مقاولات بغزة يعمل فيها نحو 10 آلاف عامل توقفوا عن العمل منذ بداية إجراءات الوقاية من كورونا.

كما تأثرت كل المؤسسات التعليمية الخاصة المرخصة والمعتمدة من وزارة التربية والتعليم إذ أغلقت رياض الأطفال في قطاع غزة كافة، ويبلغ عددها 700 روضة، وأغلق 53 مدرسة خاصة، و365 مركزًا تعليميًّا خاصًّا، ما أدى إلى تضرر العاملين في القطاع التعليمي الخاص، إضافة إلى الالتزامات اليومية المطلوبة من أصحاب العمل، ويزيد عدد العاملين في الأنشطة ذات العلاقة بالقطاع التعليمي الخاص في قطاع غزة على 5000 عامل.

ومن هنا ولما كان الوضع الصحي في غزة تحت السيطرة، ولا يوجد أي حالات داخل القطاع مصابة بفيروس كورونا، وكل القادمين من الخارج يحجرون ولا يوجد أي مخالطة معهم، نأمل من الجهات المختصة في قطاع غزة البدء بوضع سيناريو لتخفيف الإجراءات والبدء بعودة الحياة لطبيعتها بالتدريج، خصوصًا ونحن مقبلون على شهر رمضان الكريم، وذلك للتخفيف من الخسائر الاقتصادية والحفاظ على ما تبقى من اقتصاد غزة المعدوم والمساهمة بعودة العمال لأعمالهم مرة أخرى، فمن المتعارف أن معدلات الاستهلاك ترتفع من المواطنين في شهر رمضان الكريم، ما يشكل عبئًا اقتصاديًّا إضافيًّا على كاهل المواطنين، إذ تزداد الاحتياجات وتتضاعف المصاريف في هذا الشهر الكريم بسبب الموائد الرمضانية المختلفة، والتزاماتهم من النواحي الاجتماعية والعائلية.