يعدُّ الإعلان الرسمي عن تشكيل الحكومة الإسرائيلية بين الليكود وأزرق-أبيض، مشاركة واضحة من الأخير في عملية إنقاذ بنيامين نتنياهو المتهم بقضايا جنائية، من محاكمة كادت أن تكون حتمية، مما يبدد الدعوات التي وجهها الإسرائيليون إلى بيني غانتس من أجل الخروج من هذه الورطة التي دخلاها، وأدخلا الإسرائيليين من خلفهما بحجة مواجهة وباء كورونا.
سيشهد الإسرائيليون في قادم الساعات التشكيلة النهائية لحكومتهم الجديدة ذات الثلاثين وزيرًا، وقد تزيد، رغم أنهم يعيشون في ذروة أزمة اقتصادية، وأكثر من مليون عاطل عن العمل، وفقر تحول بين يوم وليلة إلى رقعة أكثر اتساعًا، وأعمال مدمرة، وإسرائيليين يشكون من حالة عدم اليقين.
كل ذلك يحصل بسبب متهم واحد حاول جاهدًا إنقاذ نفسه من المحاكمة، وسحب الإسرائيليين ثلاث جولات انتخابية تسببت بإهدار أموال كثيرة من خزينتهم، وعمل على إحداث الشلل في الكنيست بصورة غير مسبوقة، بهدف منع تطبيق نتائج الانتخابات الأخيرة.
هذا المتهم، نتنياهو، يبذل محاولات مستميتة بخطوات استباقية لتغيير طاقم المحكمة والقضاء والمستشار القانوني والنائب العام، وإضعاف المحكمة العليا، مع أنه منذ اللحظة الأولى لاتفاقهما، ونتنياهو يسعى لتحويل قادة أزرق- أبيض لمجموعة من الساذجين الذين يستخدمهم لتثبيت حكمه، ويلجأ لكل الوسائل الفاسدة في سبيل هذه الغاية، هذا هو المتهم نتنياهو، وهذا طريقه، ومن الصعوبة القول أننا متفاجئون من سلوكه هذا.
اليوم بعد إعلان الاتفاق الحكومي الجديد بين نتنياهو وغانتس، يبدو طرح التساؤل على الأخير مشروعًا، عما يمكن القيام به مع قادة أزرق-أبيض حين تشاركوا مع نتنياهو، وفرطوا عقد المعسكر الذي قادوه، وكاد أن يطيح باليمين المتطرف لصالح إقامة حكومة طوارئ، ومنع إجراء انتخابات رابعة، مع أنهم اليوم باتوا يخضعون لعملية ابتزاز دون امتلاكهم أوراقًا تفاوضية قوية، خاصة بعد أن حرقوا كل السفن مع شركائهم السياسيين في السابق.
مع العلم أنه منذ أن تم تشكيل أزرق-أبيض لم يكن يعتبر الحل الأمثل لمشاكل إسرائيل، لكن لم يعتقد أحد حينها أن هذا الحزب ذاته سيتحول إلى المشكلة نفسها، حصل هذا في الوقت الذي أقدم الحزب على خيانة كل من دعمه، وأيده، وخاض صراعًا من أجله، على أمل أن يعيد الكنيست لممارسة مهامها البرلمانية.
وبعد الخطوات التي قام عليها أزرق-أبيض مع الليكود، فربما لا يدرك غانتس خطورة ما أقدم عليه من اتفاق مع نتنياهو، رغم أنه يعني أنه مصاب بالعمى السياسي، مع ما يحمله ذلك من أخطار كبيرة على إسرائيل، لأنه دخل في مفاوضات مع المتهم نتنياهو، دون أن يكون متسلحًا بالذخيرة اللازمة.