في مقال سابق تحدثت عن عدم مقدرة شريحة كبيرة من الفلسطينيين على الصمود في الحجر المنزلي إذا طال، ولكنني لم أتحدث عن طريقة لدعم صمودهم وثباتهم ووقاية المجتمع من عواقب استمرار الحجر، لأن الجوع قد يخرج الناس للبحث عن لقمة يسدون بها رمق أطفالهم وأبنائهم. صحيح أن التزام المنازل يخفف من انتشار وباء كورونا، ويخفض أعداد المرضى والضحايا، ولكن في النهاية يمكن التعايش مع كورونا، لكن لا يمكن التعايش مع الجوع والموت البطيء.
الولايات المتحدة الأمريكية وزعت على عشرات الملايين من الأمريكيين شيكات بقيمة 1200 دولار لكل فرد، وفرنسا دفعت للملايين ثلث دخلهم الشهري، أما ألمانيا فقد غطت جزءا كبيرا من رواتب الموظفين في القطاع الخاص حفاظا عليهم وعلى استمرارهم في وظائفهم، وهذه دول غنية لا يمكننا نحن الفلسطينيين اتباع طريقتها في التصدي لوباء كورونا، ولكن الأردن الشقيق لجأ إلى أسلوب آخر، حيث قررت الحكومة اقتطاع 40% من راتب رئيس الحكومة و 30% من راتب كل وزير وكل رئيس هيئة محلية ورئيس جامعة، كما قررت اقتطاع 10% من راتب كل موظف يزيد دخله الشهري على 2000 دينار أردني، إضافة إلى وقف المكافآت والعلاوات لفئات معينة من الموظفين ممن يزيد دخلهم الفردي على 1300 دينار أردني. ما قامت به الحكومة الأردنية يعطى نموذجا جيدا للتكافل، حيث يساهم رئيس الوزراء والوزراء وغيرهم من ذوي الرواتب المرتفعة في حل الأزمة من دخلهم الشخصي ورواتبهم الشهرية.
إذًا المطلوب من الحكومة كخطوة أولى لمساعدة الناس ودعم صمودهم أن تقتطع من رواتب كبار الموظفين الحكوميين والمسؤولين دون وظيفة حقيقية، أي لا بد من اقتطاع ثلث راتب الدكتور محمد اشتيه لدعم خطة التكافل الاجتماعي، وكذلك اقتطاع نسبة مماثلة من رواتب الوزراء وكبار الموظفين ممن تزيد رواتهم على 15 ألف شيكل، وكذلك لا بد من تحديد راتب معقول ويتناسب مع دخل الفرد الفلسطيني لكل من يتلقى مخصصا ماليا من منظمة التحرير الفلسطينية أو السلطة ولا يعمل في الوظيفة العمومية، مثل مسؤولي منظمة التحرير ومسؤولي الفصائل والاتحادات وغيرها من الكيانات غير المنتجة ولا علاقة لها بالوظائف العمومية الحقيقية المتعلقة بإدارة الشأن الفلسطيني.
إذا تم تطبيق الخطوة السابقة يمكن الانتقال إلى خطوات أخرى ومطالبة الأغنياء والأثرياء والقطاع الخاص بالتبرع من أجل تحقيق التكافل الاجتماعي، وللحديث بقية إن شاء الله.