قد يأتي الخير من بطن الشر، فقد واصل فيروس "كورونا" الانتشار، وتسبب بوجع لأهالي الأسرى، ووجع للأسرى، ما دفع غزة لطرح مبادرة إنسانية بشأن الأسرى، وهو ما دفع بعض كتاب الاحتلال للقول إن يحيى السنوار هو الأكثر إنسانية وأخلاقية، وبطلها، في حين "نتنياهو" مشغول بالكرسي وتناسى وجود أسرى من الجيش في غزة.
الحالة الفلسطينية جعلت هناك وجعين في وجع، فبقاء الأسير كريم يونس في الأسر مدة تزيد على 37 عامًا، والأسير نائل البرغوثي أربعين عامًا في الأسر، هذا الوجع يهز ويضرب بعمق وجدان وعقل وقلب كل حر وشريف في فلسطين المحتلة والعالم أجمع؛ لكون ما يجري لا يوجد له مثيل في العالم من ناحية ظلم شعب بأكمله؛ على مرأى ومسمع ما يسمى العالم الحر والمتمدن، رغم أنه متعارف أن "كورونا" جعلت الإنسانية تتحد لمحاربته، حتى إن بعض الدول أفرجت عن سجناء لديها.
أوجاع الشعب الفلسطيني مع كورونا أو غيره لا تتوقف، فسنة بعد سنة، بالحزن والألم؛ يحيا الشعب الفلسطيني الكثير من الذكريات الأليمة، وكل هذا بسبب الاحتلال الذي لا يرحم ولا يدع أحدًا يرحم هذا الشعب المسكين المظلوم.
لوحظ عدم التفاعل الكافي مع الأسرى في يوم الأسير الفلسطيني، رغم أنهم في الصفوف الأمامية وخط الدفاع الأول، مع المعاناة والألم اللذين لا يوجد وصف لهما من شدتهما وقسوتهما.
ما بني على باطل فهو باطل، ومحاولات استغلال الاحتلال لوباء "كورونا" ضد الشعب الفلسطيني ستبوء بالفشل، لأن صاحب الحق يبقى صوته الأقوى، وإن كان هناك تراجع مؤقت في بعض محطاته، وسينتصر الأسرى في مطالبهم لكونها عادلة ومشروعة، وسينالون حريتهم قريبًا بصفقة مشرفة على غرار صفقة وفاء الأحرار.
الوجع والألم متواصلان للشعب الفلسطيني دون توقف؛ وعذابات تتجدد ونحن في عام 2020م؛ وسط التدمير والخراب والممارسات العدوانية من جيش الاحتلال والمستوطنين الذين لا يتركون أحدًا من شر أفعالهم.
رغم "كورونا" قادة ومسئولون في دولة الاحتلال ومتطرفون حتى على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي يدعون جهارًا نهارًا لضم الضفة وأربعة تجمعات استيطانية، في استخفاف بالفلسطيني والعرب والمسلمين جميعًا؛ وكأنه لا وجود لهم في قاموس رئيس حكومة الاحتلال "نتنياهو".
"اليد ما بتناطح المخرز" ثقافة سلبية لم تلق صدى لدى الشعب الفلسطيني؛ فبالإرادة والتحدي استطاع الشعب الفلسطيني وقواه الحية أن يصمدوا ويتحدوا، ولن يفلح الاحتلال في استغلال "كورونا" ضد الأسرى الأبطال أو ضد الشعب الفلسطيني.
الاحتلال عبر "كورونا" خطط للشعب الفلسطيني أن يبقى ضعيفًا؛ وإبقاء ما تسمى (إسرائيل) متفوقة بجيشها الذي تزعم أنه لا يقهر ولا يشق له غبار، وأن تَنسى الأجيال ما حَدث، وأن تَبقى فلسطين في عَالم النسيان؛ والأسرى لا يذكرون، لكن مبادرات السنوار وهنية يوم أمس جعلت الأسرى غصبًا عن الاحتلال على سلم الأولويات.
الاحتلال ضعيف بمنطقه وبأخلاقه ولا يملك قوة فكرية وأخلاقية؛ فمن الطبيعي أن يستغل جائحة "كورونا"، لكن المطلوب فلسطينيًّا الرد عليه بخطط وبرامج وليس بفردية ودون تخطيط ممنهج وحكيم، و"كورونا" على شره قد ينجح في فك الأسرى، وقد يأتي بخير هنا وهناك، من غير المتوقع منه، "ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبًا".