فلسطين أون لاين

الحليب المسكوب في الضفة

أتلف مربو أبقار في شمال الضفة الغربية أطنانا من الحليب أمام مصنع "الصفا" بنابلس، الأسبوع الماضي، احتجاجا على تكدس مئات الأطنان من الحليب وعدم قدرة المصانع الفلسطينية على استيعاب الكميات الكبيرة المتوفرة بسبب الأوضاع التي فرضها وباء كورونا من تقييد للحركة والتزام المنازل وعدم التنقل بين المدن.

ندعو الله عز وجل أن يعين شعبنا على الأزمات الاقتصادية المتلاحقة التي تعصف به، سواء قبل كورونا أو بعده. ومربو الأبقار فئة تضررت مثلها مثل غالبية فئات الشعب، ومن حقهم الاحتجاج، ومن حقهم الغضب ومطالبة الحكومة بمساعدتهم، ولكنني أستنكر بشدة إهدار الحليب بهذه الطريقة الخطأ، وكان بالإمكان توزيعها على الفقراء والمحتاجين إلى حين إيجاد طريقة عملية تعود عليهم بالفائدة وتحميهم من الخسائر، وهناك طرق كثيرة لتحقيق ذلك والله أعلم.

د.ناهض الخالدي اقترح على صفحتي في فيس بوك أن يتم بيع الحليب لقطاع غزة بسعر معقول، وهذه فكرة قد تكون منطقية إذا كانت غزة فعلا ينقصها الحليب، ويمكن للسلطة أن تباشر بالإجراءات من أجل تصدير الحليب أو تصدير مشتقاته إلى قطاع غزة بأسعار مشجعة دعما للطرفين؛ غزة والمنتجين، وهذا الحل لا بد أن نفكر فيه ليس فقط بخصوص منتج الحليب، وإنما أي منتج فائض عن الحاجة يمكن إرساله من الضفة إلى غزة أو العكس، فقد تكون هناك منتجات فائضة في غزة تحتاج إلى تسويق في الضفة الغربية.

الغريب في الأمر أن أسواقنا في الضفة الغربية متخمة بالبضائع الإسرائيلية، ومنها منتجات تنوفا، وفي كل بقالة أو سوبر ماركت نرى منتجات تنوفا، ومنها الحليب، تملأ المكان، ولا أتصور أن نسمح بتسويق المنتجات الإسرائيلية في الوقت الذي لا نستطيع فيه استيعاب منتجاتنا، والحليب بالذات يختلف عن باقي المنتجات لأنه إنتاج يومي لا يمكن إيقافه، الحليب ليس صناعة يمكن إيقافها وتقليل الخسائر فيها، ولذلك لا بد من منع استيراد الحليب الإسرائيلي فورا من أجل إنقاذ فئة متضررة من شعبنا، وهذه طريقة أخرى مجدية لحل المشكلة المطروحة.

إذا كان وباء كورونا يمنعنا من الحركة فهذا لا يعني أن يمنعنا أيضا من التفكير السوي والإبداع، وهذه فرصة لإعادة كل حساباتنا في إدارة شؤوننا، وهذا ما قلته في المقال السابق: لا بد من إحداث تغيير جذري في طريقة تفكيرنا وعلى جميع المستويات.