الكثير من التقارير والدراسات التي صدرت عن منظمة الصحة العالمية سُجلت خلالها طرق انتقال عدوى فايروس كورونا بين الأشخاص، حيث أجمعت تلك التقارير والدراسات عن نقل العدوى من خلال الرذاذ الذي ينتقل عبر الهواء وعلى بعد مسافة قليلة ليصيب أشخاصا آخرين، وحرصاً على سلامة الشعوب، فقد ألزمت منظمة الصحة العالمية الجميع بضرورة الحفاظ على ارتداء الأقنعة الواقية والمعروفة بــ(الكمامات) والتي تساهم بشكل كبير في الحماية من نقل العدوى أو التقاطها من مرضى مصابين.
في مجتمعنا الفلسطيني تبرز الفجوة الكبيرة بين السلوك والعادات والتقاليد المنتشرة بين السكان، ومسألة الالتزام بالقناع الواقي، فمجتمعنا الفلسطيني قد يكون بعيداً إلى حد ما عن قبول بعض المتغيرات التي طرأت في الآونة الأخيرة والتي أحدثتها جائحة كورونا، فمجتمع يعيش منذ عصور على البساطة والتمسك بالحرية والنضال وعدم ظهوره بمظهر الإنسان الضعيف، والتحلي دوماً بالشجاعة والهمّة العالية والإقدام، قد يدفعه ذلك إلى عدم الاهتمام وعدم الحرص على ارتداء الأقنعة الواقية، سواء في أماكن العمل أو البيت أو خلال تنقله من مكان إلى مكان آخر.
وحرصاً من وزارة الصحة الفلسطينية على حياة الفلسطينيين فقد كان ارتداء القناع الواقي من بين مجموعة من الإجراءات الوقائية والتدابير اللازمة التي طالبت بها الوزارة وطالبت بها كذلك لجنة المتابعة الحكومة في القطاع، وكافة اللجان العاملة ضمن خطة مواجهة الوباء، وبالتالي أصبح الالتزام بها واجبا دينيا ووطنيا.
وقياساً على ذلك تم إغلاق المساجد ومنع الصلوات بها، وعدم السماح بالتجمعات، وإغلاق الصالات، ومنع التجمعات في المرافق العامة، وإغلاق المطاعم، ومعظم الأماكن السياحية التي تكتظ دائماً بالزائرين، وقيام الجهات الأمنية المختصة بملاحقة المخالفين، فجميع تلك الإجراءات هي سلوك أساس للحماية من الأخطار والمهددات الصحية التي تهدد المجتمع الفلسطيني في ظل أزمة يغرق بها القطاع مسبقاً، سواء على المستوى الاقتصادي أو الصحي، ومنع المعدات الطبية وما يلزم للمستشفيات في القطاع وعدم السماح بتحويل عدد من المرضى للعلاج داخل الأراضي المحتلة عام 1948م، كذلك تفشي الوباء في بعض مدن الضفة الغربية نظراً لانفتاحها الجغرافي على الأراضي المحتلة، وتنقل العمال عبر الحواجز، حيث سجلت وزارة الصحة برام الله عن إصابة عدد من العمال الفلسطينيين القادمين من أماكن عملهم ممن يحملون الفايروس.
لذا بات الحرص الشديد على اتباع كافة الإجراءات والتعليمات التي تصدر من جهات الاختصاص والالتزام والتقيد بها، وبما أن ذلك أصبح مطلباً شرعياً ووطنياً فهو ملزم للجميع دون استثناء، فحماية الأشخاص لأنفسهم هي حماية للمجتمع ككل وحفاظاً على المقدرات الفلسطينية الوطنية والشرعية.