فلسطين أون لاين

ارتفعت وتيرتها مع تفشي جائحة كورونا

الشيكات المرتجعة تضرب النشاط التجاري الفلسطيني في الخاصرة

...
غزة _ رامي رمانة:

للشهر الثاني على التوالي، لم يستطع  تاجر العقارات، فادي الأشقر من قطاع غزة، تغطية حسابه البنكي، من الشيكات الواردة، وبات عاجزًا عن تأدية التزاماته المالية، تجاه الأفراد والشركات المتعاقد معها على إمداده بمستلزمات البناء والتشييد.

الأشقر كان يرنو إلى أن يحصل على 9 آلاف  دولار في شهر مارس الماضي،  و15 ألف دولار في إبريل الجاري، لكن مجموع ما تسلمه من قيمة الشيكات لا يتعدى 3500 دولار.

وبين الأشقر لصحيفة "فلسطين" أن مسوغ غير الملتزمين بدفع المبالغ المالية تراجع القوة الشرائية بسبب حالة الطوارئ في الأراضي الفلسطينية، المقرة للحد من تفشي وباء كورونا.

وذكر أنه سيحاول تغطية حسابه البنكي ببعض المبالغ من جيبه الخاصة، حتى لا تتعطل مصالحه التجارية، لكنه عبر عن تخوفه من مرور الشهر الثالث ولا يستطيع تحصيل قيمة الشيكات.

ولفت الأشقر إلى حالة الركود الحاد في سوق العقارات، رغم انخفاض الأسعار، مشيرًا إلى أن الناس في الوضع الراهن تتجه إلى تأمين احتياجاتها الأساسية من المأكل والمشرب.

من جهته قال نائب رئيس جمعية مستوردي المركبات في غزة وائل الهليس: "إن أصحاب معارض المركبات تضرروا كثيرًا بسبب الشيكات المرتجعة".

وبين الهليس لصحيفة "فلسطين" أن الذين اشتروا مركبات لاستخدامها في العمل هم الأقل التزامًا بتسديد الشيكات، بذريعة محدودية الحركة المرورية، نتيجة تعطل الجامعات والمدارس والوظائف.

وأشار إلى وجود 450 معرضًا للمركبات بغزة، وأن التجار وأصحاب المعارض كانوا يستفيدون من تأجير السيارات للمؤسسات، خاصة الدولية، ولكن تقليص عملها في القطاع أدى إلى توقف ذلك توقفًا لافتًا.

 وبين الهليس الذي يملك شركة "الهليس لتجارة المركبات" أن قيمة الشيكات المرتجعة التي لم تتمكن شركته من الحصول عليها خلال مارس وأبريل تقدر أكثر من 100 ألف دولار.

ولفت إلى أن معاناة الشركات في غزة مع الشيكات المرتجعة بدأت منذ عام  2017م، حين بدأت السلطة الفلسطينية صرف أنصاف رواتب لموظفيها في قطاع غزة قبل أن تجري عليها تحسنًا في المدة الأخيرة.

وقدر الهليس حجم ديون شركته في السوق المحلي بنحو مليون ونصف مليون دولار لا يستطيع تحصيلها.

وفي السياق، بين نور الدين جردات رئيس غرفة تجارة وصناعة شمال الخليل أن الشيكات المرتجعة باتت مؤرقة جدًّا للنشاط التجاري والإنتاج في محافظات الضفة.

غير أن جرادات ألقى باللوم على سلطة النقد التي أوعزت إلى البنوك بإغلاق الفروع كافة داخل المحافظات، وأبقت على نشاط البنوك في مراكز المدينة، وهذا عرقل من وصول التجار إلى البنوك لتغطية الشيكات.

وأشار في حديث لصحيفة "فلسطين" إلى طول المدة الزمنية التي يستغرقها البنك في إجراء تقاص داخلي بينه والبنوك الأخرى، ما عرقل من تحصيل الشيكات.

كما لفت جرادات إلى عد بعض التجار المقتدرين حالة الطوارئ شماعة للتهرب من دفع ما عليهم من استحقاقات مالية للآخرين.

 وحسب بيانات موقع سلطة النقد، تجاوزت الشيكات المرتجعة مع نهاية العام الماضي مليار دولار، وهذا الرقم في حالة الطوارئ الحالية مرشح للزيادة، ما يضع الاقتصاد الفلسطيني في مأزق.

وارتفاع الشيكات المرتجعة هذا هو الثالث منذ تأسيس سلطة النقد الفلسطينية.

وتحاول سلطة النقد الفلسطينية التخفيف من حجم الكتلة النقدية الوهمية في السوق المحلية متمثلة في الشيكات المقدمة للتقاص والشيكات المرتجعة، برزمة من الإجراءات لضبط وإدارة منح دفاتر الشيكات للعملاء.

ويؤكد اختصاصيون اقتصاديون أن زيادة قضايا الشيكات المرتجعة تسبب ضررًا للاقتصاد الوطني، مع فقدان الشيك هيبته وثقته وقيمته المعروفة، وأشاروا إلى زيادة دعاوى الشيكات في المحاكم خلال المدة الأخيرة، والسبب في ذلك يرجع إلى فقدان الشيك عمله الطبيعي، إذ تحول من أداة وفاء إلى أداة ضمان في بعض الأحوال.

وقال الاختصاصي الاقتصادي د. ماهر الطباع: "إن ظاهرة الشيكات المرتجعة خطيرة جدًّا، إذ تؤدي إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي، وتعمق من الأزمة الاقتصادية بسبب عدم تسديدها في مواعيدها، فإن عدم تحصيل قيمتها في تواريخ استحقاقها يسبب إرباكًا في التدفقات النقدية، وعدم تمكن أصحاب الشيكات من الإيفاء بالتزاماتهم في مواعيدها".

وبين الطباع لصحيفة "فلسطين" أنه إضافة إلى حالة الطوارئ إن نقص توافر السيولة النقدية في غزة، وضعف القدرة الشرائية من العوامل التي رفعت حجم الشيكات المرتجعة التي لها آثار سلبية على حركة دوران رأس المال، وأحدثت إرباكًا كبيرًا في الأنشطة الاقتصادية كافة.

ورأى أنه مطلوب من سلطة النقد في الأوقات الطبيعية وضع آليات جديدة لإعادة الثقة والقيمة الاعتبارية والنقدية لورقة الشيكات، ووضع مزيد من القيود والعقوبات على أصحاب الشيكات المرتجعة، وتعزيز النظام القضائي بحق المخالفين، حتى لا تتفاقم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية صعوبة.