غزة مع تواصُل حصارها وقلة إمكاناتها تحدَّت عامل الوقت، ونفذت مشروعًا لإقامة مركزَيْ حجر صحي يحتويان على ألف غرفة شُيِّدت خلال فترة زمنية قصيرة، إذ ستسهم إلى حد كبير في معالجة موضوع الاختلاط داخل أماكن الحجر، وذلك بتخصيص غرفة لشخص واحد فقط.
وتحتوي تلك الغرف على كل الخدمات الفندقية من أسرّة ومياه ساخنة وكهرباء وإنترنت ووجبات طعام يومية ورعاية صحية على مدار الوقت.
أسبوعان فقط المدة الزمنية التي فصلت بين زيارة قائد حركة حماس في غزة يحيى السنوار لموقع المركزين معلنا إطلاق مشروع بناء ألف غرفة لحجر العائدين من الخارج على أراضٍ خالية، وبين تسلم وزارة الصحة الغرفَ أمس جاهزة للاستخدام.
خلال تلك المدة عمل عشرات العمال والمهندسين ليلا ونهارا كـ"خلايا نحل" لم تكل أو تمل على مساحة 27 دونمًا، ضمن تجربة استوحيت من إجراءات الصين في مكافحة الفيروس، لكن الفارق فيها اختلاف الإمكانات وحجم الأموال والقوى البشرية العاملة، غير أن الإرادة تشابهت في تحدي الزمن وإنجاز المشروع بوقت قياسي.
على مساحة أربعة عشر دونما جنوب غرب محافظة رفح، وبعيدا عن المناطق السكانية، تتوزع غرف الحجر بواقع 500 غرفة. ومن خلال لقطات جوية يمكن رؤية مربعات هندسية متناسقة بألوان برتقالية ورمادية، كل مربع يضم نحو 12 غرفة على كل جهة، تفصل بينها ممرات متناسقة. وفي شمال القطاع وعلى مساحة 13 دونما تتربع 500 غرفة أخرى مشابهة.
تلبي المطلوب
وبحسب عضو لجنة الطوارئ العليا بوزارة الصحة الدكتور كمال خطاب، فإن غرف الحجر الصحي منفصلة عن بعضها، فكل غرفة تختص بشخص واحد، وتضم سريرا ودورة مياه مزودة بخدمات فندقية من كهرباء ومياه ساخنة وإنترنت.
وأضاف خطاب لصحيفة "فلسطين"، أن هذه الغرف تعد أفضل من المدارس، وتمنع الاختلاط من خلال عزل الشخص نهائيا طيلة فترة الحجر، وبالتالي ضمان عدم انتقال العدوى لو كان مصابا.
وقال: "أمس ذهبنا وتسلمنا الغرف، وكان هناك تقييم شامل لها ولمدى فائدتها، وارتأينا أنها الوسيلة الأكثر نجاعة في منع تفشي الفيروس ومنع انتقاله من شخص لآخر، وهي غرف تتماشي مع معايير الحجر المتعارف عليها صحيا، بأن يكون الشخص المحجور في غرفة تلبي كل احتياجاته".
وحول مدى إمكانية استيعاب العائدين بيَّن أن الغرف تستطيع استيعاب ألف شخص، خاصة أن وزارة الصحة تقدر أعداد العائدين من الخارج بنحو ثلاثة آلاف شخص، فضلا عن مستشفى الصداقة التركي –الذي تم تشغيله حديثًا– ويمكن أن يستوعب كذلك 300 شخص.
وأشار إلى أنه منذ تفشي الفيروس في العالم، شرعت وزارة الصحة بالتعاون مع الوزارات الأخرى في اتخاذ إجراءات صارمة بدءًا بحجر المعتمرين العائدين منزليا، ثم الحجر الصحي بمراكز الحجر، ثم تطور الأمر لاستخدام الفنادق والمستشفيات.
والآن تتمثل خطة وزارة الصحة، وفق خطاب، بالابتعاد عن حجر المدارس كونها مكانا مفتوحا والاختلاط بها يعد سهلًا، مشيرا إلى أنه تم تقسيم العائدين إلى فئات، فمن يحتاج إلى علاج يذهب للمشفى، في وقت يتم فيه حجر بعض المرضى بالفنادق.
صمام أمان
وتعقيبًا على مشروع الغرف الألف، قال مدير مكتب منظمة الصحة العالمية بغزة، د. عبد الناصر صبح: "هذا الإجراء نشجعه كمنظمة صحة عالمية، وهو مناسب وملائم لوضع قطاع غزة".
وأضاف صبح لصحيفة "فلسطين": "قمنا بجولة تقييم للمراكز، وهي مخصصة لفئة الشباب الذين لا يعانون من أي أمراض وهم بصحة جيدة وفي العشرينيات، حيث سيمكثون بها بالشمال والجنوب".
وتابع أن "مساحة كل غرفة تبلغ 3 أمتار مربعة، توفر خصوصية للشاب، وهناك مجال لتحسين الخدمة من خلال توفير الإنترنت والمياه ومواد ترفيهية، وبالتالي يصبح مكوث الشاب فيها آمنا ومريحا".
وأكد أن مراكز الحجر أفضل استثمار لحماية قطاع غزة من انتشار فيروس كورونا بأقل التكاليف، مردفا: "نحن غير قلقين على الوضع داخليا ما دام أن الحالات تكتشف بمراكز الحجر، أما اكتشافها داخل المجتمع، فإن النظام الصحي في غزة غير جاهز للتعامل مع مئات الحالات".