فلسطين أون لاين

كيف استغل الاحتلال "كورونا"؟

في الوقت الذي انشغل العرب والعالم والفلسطينيون في البحث عن طرق واساليب واجراءات وتعليمات لتخطي أزمة "كورونا" ومنعه من الانتشار والحد منه، كان الاحتلال يقوم بنفس الشيء، ولكنه أعمل عقله وفكره في كيفية الاستفادة من الازمة وأعد ونفذ خططا لذلك على وجه السرعة ضاربا بعرض الحائط كعادته الأبعاد الانسانية.

المسجد الاقصى تم اخلاؤه من المرابطين واستفرد به الاحتلال تحت حجة "كورونا" مع ان "كورونا" ذاهب والاقصى باقٍ حتى يوم القيامة، وصلاة الفجر العظيم تم انهاؤها، واحكم الاحتلال اغلاقه للقدس وعزلها امام مواطني الضفة الغربية.

حاليا يفكر "نتنياهو" و"غانتس" بضم الضفة وهما يدركان ان انشغال العالم ب"كورونا" يعطيهما فرصة ذهبية، فلا مجلس الامن سيجتمع ولا الامم المتحدة، ولا المجتمع الدولي سيتحرك لوقف قرارات الاحتلال، وكل ما سيحصل هو بعض بيانات الشجب والاستنكار فلسطينيا وعربيا، وبعضها من مؤسسات دولية.

أربع بؤر استيطانية تمت إقامتها في بيت لحم والأغوار ورام الله، واعمال البناء والتمدد في المستوطنات تواصلت رغم المخاوف من انتشار "كورونا"، فالاستيطان بنظر الاحتلال باقٍ، و"كورونا" عابر.

من يدقق النظر ويتفكر يرى ان الاحتلال منذ بدء أزمة انتشار وباء" كورونا" في فلسطين المحتلة، حاول استخدامها بأشكال متعددة وتوظيفها لمصلحته، واتخذ خطوات وقرارات عدة لتنفيذ ذلك، وانتقل من مرحلة التفكير والتخطيط لمرحلة التطبيق بسرعة كبيرة.

لم يمنع عد فيروس كورونا وباءً عالميًا من منظمة الصحة العالمية وجميع دول العالم،  الاحتلال من مواصلة ممارساتها القمعية ضد الفلسطينيين، بل استغلت ذلك هذه المرة لملاحقة ومراقبة الفلسطينيين بشكل - شرعي وقانوني- من خلال تتبع حركة العمال في الداخل المحتل بحجة الوقاية من "كورونا".

سياسيا استغل "نتنياهو" أزمة "كورونا" ورتب اوضاعه الداخلية، امام خصومه السياسيين، فحالة الخوف من "كورونا" لدى الاحتلال جعلت "نتنياهو" كعادته في الازمات وفي توظيفها، ان يجعلها لصالحه.

صحيح ان الفلسطينيين حذروا من استغلال "نتنياهو" للأزمة، لكن لم يعدوا الخطط والبرامج لمواجهة الاحتلال الذي من المتعارف عليه انه يستغل اي شيء لصالحه ما استطاع الى ذلك سبيلا.

التهويل من أزمة "كورونا" او التقليل منها لا يصحان، فخير الامور الوسط، ويجب فلسطينيا ألا ننشغل به وكأنه كل شيء، وينسينا الاحتلال، ف"كورونا" أزمة عابرة، لكن مقاومة الاحتلال متواصلة بعد "كورونا"، ولذلك يجب الخروج من مربع تلقي الحدث والاستجداء، والانتقال إلى مربع صنع الحدث باقتدار، وإلا فإن مصيبة "كورونا" ومعها مصيبة الاحتلال لن تُبقيا لنا شيئا مما تبقى.

سيرحل غدا" كورونا" لا محالة، ولكن أن يرحل الاحتلال فهذا بحاجة لخطط وبرامج سياسية وامنية واقتصادية، وما ثبت فشله قبل "كورونا" لا يصح ان يبقى هو نفسه فلسطينيا ما بعد "كورونا"، وإلا فإن الزمن لن يرحمنا، ولا يلتفت لمن عقبوا بالخلف.