أوربا قارة عجوز. لا شك في ذلك. ولكن ما معنى أنها عجوز؟ الجواب أن نسبة كبار السن فوق الستين يمثلون أغلبية السكان. والشباب أقلية، ولا يتزوجون إلا في عمر متأخر قد يتجاوز الأربعين. ولا يحبذون التوالد، أو كثرة الإنجاب، ويقفون عند ولد أو ولدين. ويمضون شبابهم في المتعة المحرمة، ومن ثمة تعتمد بلادهم على المهاجرين. هذه هي القارة العجوز.
حين يكون البلد بهذا الشكل فإن كبار السن غير المنتجين يصبحون عبئًا على ميزانية الدولة، ويستنزفون مواردها كلما زادت نسبتهم. وتلك الأزمة قائمة ومعلومة للساسة والقادة قبل جائحة كورونا بزمن بعيد.
هذه المقدمة لازمة عند تناول سيناريوهات نشأة كورونا، وهل هي قدر إلهي، أم غاز سارين تسرب رغمًا عن صانعيه؟ في الاحتمال الثاني اختلفت المعلومات حيث قال بعضهم إن مختبرات أميركا هي السبب، وقال آخرون بل مختبرات الصين في ووهان هي السبب؟! وقد ناقشت هذين الاحتمالين في مقال سابق، وأرى اليوم أن هناك احتمالًا ثالثًا لا أستبعده، بل أرجح وجوده.
السيناريو الثالث يقول: إن الفيروس قدر الله في أرضه وعباده، وهو ليس من صناعة البشر، لا أميركا، ولا الصين، وبهذا فلا مؤامرة على البشرية. ولكن يحتمل أن دولًا كبيرة تعاني وجود نسبة عالية من العواجيز بين سكانها، حيث يمثلون عبئًا ثقيلًا على الميزانية، رأت في ترك كبار السن في مواجهة الفيروس حيلة مقبولة للتخلص من أكبر عدد منهم، ومن ثمة إنقاذ اقتصاد الدولة، وتجديد شبابها؟!
هذا سيناريو يستحق تسميته (بسيناريو الاستثمار). أعني استثمار الأزمات، والحروب، والأحداث الكبيرة. إن دولًا مثل أميركا، ودول أوروبا، وإسرائيل، هي من أقدر دول العالم على توظيف سيناريو استثمار الأزمات والاستفادة منها، وتوجيهها لجني الأرباح والإضرار بالمنافسين.
هذا السيناريو يقوم دليلان على تأييده: الأول: تعمد قادة هذه الدول كما في إيطاليا وأميركا في تأجيل الإجراءات الحكومية لمواجهة الفيروس، والتهوين من شأنه، قبل استفحاله وتحوله إلى جائحة، حتى بدأ يفتك بكبار السن دون توفر علاج ناجع له، في حين كانت الدول الصغيرة والفقيرة هي الأسرع في أخذ الاحتياطات اللازمة، لتخفيف حالات الموت.
والدليل الثاني يكمن في تاريخ هذه الدول الاستعمارية في مجال استثمار الأزمات الكبيرة، حيثما كانت وتوجيهها لجني الأرباح، وتقوية اقتصاد الدولة، ويكفينا هنا مثالًا واحدًا من هذه السياسة، يتمثل في استثمار أميركا لأحداث الحادي عشر من سبتمبر ٢٠١١م للسيطرة على أفغانستان، والعراق، وضرب الإسلام والمسلمين ضربة نجلاء، بإلصاق تهمة الإرهاب بهم، وهي تهمة ما زالت قائمة وتعمل في جسد المسلمين عمل المنشار في الخشب.
خلاصة القول (أوروبا وأميركا وإسرائيل)، دول قادرة، ومجرمة، ودينها الدرهم والدينار، ومن أجل ذلك ربما قامت تستثمر كورونا لقتل أكبر قدر ممكن من كبار السن من سكانها، وإنقاذ ميزانياتها من الاستنزاف التقاعدي والعلاجي بلا فائدة. هذه الدول بقيادتها التي غادرت القيم والروح لا نستبعد ركوبها سيناريو الاستثمار للأغراض المذكورة آنفًا، وآمل أن يشكل من يتبقى من كبار السن رابطة في أوروبا لتحقق في هذه الجريمة المحتملة؟!