لو قامت القيامة وبيدك فسيلة فاغرسها" أو كما قال، صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. في ظل جائحة كورونا تعرف العالم بشكل أفضل على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، في مجال مكافحة الأوبئة، وفي مجال النظافة والصحة العامة، وفي باب الدعاء، وكثر تداول ما قاله ، وما فعله، صلى الله عليه وسلم، على وسائل التواصل الاجتماعي، وشارك النقاش بعض من غير المسلمين، ورفع الأذان في مناطق من أوروبا لأول مرة.
المهم أن الإسلام يتقدم نحو العودة إلى موقع قيادة العالم، والأخذ بيد البشرية نحو السعادة. ومن هذا نقول إن بعض المسلمين أخذ بتأجيل الكثير من الأعمال التي يجدر به تنفيذها والقيام بها، معلقا التأجيل على فايروس كورونا، وانتظارا لانتهاء الجائحة، وهو لا يعلم، وغيره ايضا لا يعلم متى تنتهي، والرسول قال فيما هو أخطر وأعظم، وهو قيام الساعة، وأن على من شاهد بعض علاماتها الكبرى وبيده فسيلة نخل، يجدر به أن يزرعها، ولا يؤجل ذلك بسبب الساعة، ونحن نعلم أن النخل لا يثمر إلا بعد سنوات عديدة، وهذا مبرر عقلي ربما يعتمد عليه المؤجل، ولكن الأمور لا تؤخذ دائما بالقياس العقلي، لا سيما في باب الغيب الذي لا يطّلع عليه أحد من البشر.
ازرع الفسيلة، وقم بكل عمل ممكن، حتى لو كنت ترى الساعة تتدحرج نحو غايتها، ولا تؤجل عمل اليوم إلى الغد. هذا الخلق الإسلامي الكريم يمكن أن يكون هاديا لمن يريدون مواجهة الكساد الاقتصادي المحتمل، والمترتب على إجراءات الوقاية من فايروس كورونا.
الحياة في الهدي النبوي تتكامل، ولا تتناقض، وإذا كانت كورونا تتطلب الحجر في البيت، والوقاية، فإن الهدي نفسه يطلب من المسلمين العمل الجاد والمسئول لإقامة الحياة، فيطلب منهم الزراعة والعمل، بينما الساعة تتوالى علاماتها ومشاهدها.
العالم الغربي المادي كشف عن نقص، وعن حاجته الماسة لهذا الهدي النبوي المتكامل في الأزمات العامة، التي تصل مستوى الجائحة والوباء. خذ بالأسباب وكأنها كل شيء، وتوكل على الله وكأن الأسباب لا شيء. وما توجهت به للغرب، وسجلته نقصا في حضارتهم، وثقافتهم، أجد أن المسلمين هم أجدر الناس بتلافيه، وفي الأخذ بهذا الهدي النبوي الكريم. الأخذ بالأسباب، وغرس الفسيلة وكأن الحياة طبيعية ومستمرة، وحماية حق الأجيال القادمة في الحياة والانتاج قائمة لا يمنعها وباء ولا علامات قيامة وساعة. ما أجمل الهدي النبوي في هداية البشرية لما يحييها، ويحمي عوامل بقائها.