فلسطين أون لاين

الاحتكار يجلب الإثم العظيم لا المال الوفير

...
صورة تعبيرية
مريم الشوبكي

أحدثت جائحة فيروس كورونا (كوفيد 19) هلعًا عالميًّا، وإقبالًا غير مسبوق على شراء المستلزمات الطبية من مواد التعقيم، والتنظيف، ما أدى إلى احتكار بعض التجار تلك السلع ورفع أسعارها، لتحقيق الربح مستغلين حاجة الناس الماسة إليها.

هذه المسألة تخضع لأحكام الشريعة الإسلامية التي تيسر سبل التعامل بالحلال لتسود أجواء المحبة بين الأفراد، ولكي تسير الحياة بأمن وسلامة لا يعكر صفوها كدر ولا ضغينة.

رئيس فرع رابطة علماء فلسطين في محافظة رفح عدنان حسان يبين أن الاحتكار موجود منذ الخليقة وفي كل زمان ومكان، ولغة هو جمع الطعام ونحوه واحتباسه وقت الغلاء، أما عند الفقهاء فهو حبس السلعة مع حاجة الناس إليها ليرتفع سعرها.

ويوضح حسان لصحيفة "فلسطين" أن الاحتكار أيضًا هو حبس مال أو منفعة أو عمل والامتناع عن بيعه وبذله حتى يغلو سعره غلاء فاحشًا غير معهود، وغير ذلك إن الاحتكار الذي يشتري سلعًا وقت ضيق الناس، هؤلاء هم صنف آخر من يخزنون السلعة أو يتوقعون ارتفاع سعرها، أو الحاجة إليها، ويبيعونها وقت الشدة بأعلى من سعرها.

ويلفت إلى أن احتكار السلع ورفع أسعارها غش، وقال (صلى الله عليه وسلم): "من غشنا فليس منا"، وكل فعل فيه غش للمسلمين هو حرام، وجاء في حديث النبي (صلى الله عليه وسلم): "لا يحتكر إلا خاطئ"، وقال (صلى الله عليه وسلم): "من احتكر طعامًا أربعين ليلة فقد برئ من الله (تعالى) وبرئ الله تعالى منه"، وهنا خاطئ أي آثم.

وعن حكم الاحتكار عند جمهور الفقهاء، يذكر حسان أنهم يرون بحرمته، لأن المحتكرين يبخسون الناس أشياءهم، ويأكلون أموالهم بالباطل، ولذلك إن القول بترجيح تحريم وتجريم الفاعلين حكمًا شرعيًّا فيمن يضيق على المسلمين.

ويلفت إلى أن كل النصوص تدل على جمع الطعام، إلا الاحتكار يقاس عليه كل سلعة أو منفعة أو عمل، مع رفع أسعارها؛ هو أمر منهي عنه ويأثم صاحبه.

وعن الدور المنوط بالدولة أو الحكومة أو ولي الأمر لمواجهة المحتكرين، يشدد حسان على أنه يجب عليها أن تمنع الاحتكار، وأن تلزم البائع ببيع السلعة بسعر يومها أو سعر مثلها، وأن تراقب التجار والمؤسسات التي تستغل هذه الظروف التي يعيشها الناس وحاجتهم لهذه السلعة.

ويؤكد أن معاقبة كل من يخالف الأمر ولا يلتزم ببيعها بسعر يومها واجب شرعي، على الحكومة والدولة والقائمين على شئون الناس القيام به.

ويلفت حسان إلى أنه في البيع على التاجر أن يبيع بما اشتراه بنسبة الربح المعهودة، وإن شحت، وكان الاستيراد من جديد وارتفع سعرها يمكن بيعها بسعر يومها، بمعنى أن كل مرحلة تقيمها الدولة.

ويوصي رئيس فرع رابطة علماء فلسطين برفح المحتكرين بتقوى الله (تبارك وتعالى) في أنفسهم وأموالهم، والحرص على أكل الحلال، وإن قل، والبعد عن الحرام، وإن كثر.

ويختم بقوله: "إن نجا العبد في الدنيا من عقوبة القانون والدولة، فسيقف أمام الله ليحاسب على المال كيف جمعه، والله (تبارك وتعالى) يتولى السرائر والنوايا".

وكان رئيس هيئة العلماء والدعاة خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري أصدر فتوى شرعية، أكد فيها أن "الاحتكار حرام شرعًا، والمحتكر جشع وأناني".

وقال صبري: "لوحظ في الآونة الأخيرة أن بعض أصحاب الصيدليات وبعض التجار والمسوّقين من النفوس المريضة قد أخذوا باحتواء كميات كبيرة من المستلزمات الطبية والمعقمات والمطهرات والأقنعة الطبية بهدف الاحتكار والتحكم بالأسعار ورفعها، مستغلين حاجة الناس إليها بسبب انتشار وباء ومرض "كورونا" في عدد من بلاد العالم".

وشدد الشيخ صبري على أنه يحرم شرعًا احتكار المواد المتعلقة بالمستلزمات الطبية، كما يحرم احتكار المواد الغذائية.

ودعا المواطنين إلى التراحم فيما بينهم، وألا يلجؤوا إلى الاحتكار، خاصة ونحن نواجه جائحة معدية، وهي "كورونا".