بعض سكان ووهان الذين ثبتت إصابتهم بمرض “كوفيد-19” في وقت سابق ثم تعافوا من المرض، كشفوا عن إصابتهم بالفيروس للمرة الثانية. واستناداً إلى بيانات صدرت عن العديد من مرافق الحجر الصحي في المدينة، والتي تؤوي المرضى لمزيد من المراقبة بعد خروجهم من المستشفيات، فإن اختبارات حوالي 5-10 في المائة من المرضى الذين تم إعلانهم “متعافين” جاءت إيجابية مرة أخرى.
تثير مجموعة من الإصابات الغامضة بالمرض للمرة الثانية تساؤلات حول دقة أدوات تشخيص مرض “كوفيد-19″، حتى بينما تستعد الصين لرفع تدابير الحجر الصحي والسماح للسكان بمغادرة مركز تفشي المرض في الشهر المقبل. كما أنها تثير المخاوف من احتمال قدوم موجة ثانية من الإصابات.
في الفترة من 18 إلى 22 آذار (مارس)، لم تبلغ مدينة ووهان الصينية عن أي إصابات جديدة بفيروس كورونا من خلال الانتقال المحلي -أي العدوى التي تنتقل من شخص إلى آخر. واعتُبر هذا الإنجاز نقطة تحول في جهود احتواء الفيروس الذي أصاب أكثر من 80 ألف شخص في الصين. وقد تضررت ووهان بشكل خاص؛ حيث سجلت وحدها أكثر من نصف عدد جميع الإصابات المؤكدة في البلاد.
لكن بعض سكان ووهان الذين ثبتت إصابتهم في وقت سابق ثم تعافوا من المرض، كشفوا عن إصابتهم بالفيروس للمرة الثانية. واستناداً إلى بيانات صدرت عن العديد من مرافق الحجر الصحي في المدينة، والتي تؤوي المرضى لمزيد من المراقبة بعد خروجهم من المستشفيات، فإن اختبارات حوالي 5-10 في المائة من المرضى الذين تم إعلانهم “متعافين” جاءت إيجابية مرة أخرى.
يبدو أن بعض أولئك الذين أعيد اختبارهم وأظهروا نتيجة إيجابية هم من الحاملين للمرض من دون أعراض -من أولئك الذين يحملون الفيروس وربما يكونون مُعدين، وإنما لا تظهر عليهم أي من الأعراض المرتبطة بالمرض- مما يشير إلى أن التفشي في ووهان ليس قريباً من أن يكون منتهياً بعد.
تحدثت شبكة “الراديو الوطني العام” NPR عبر الهاتف أو تبادل الرسائل النصية مع أربعة أشخاص في ووهان والذين هم جزء من هذه المجموعة من الأفراد الذين ثبتت اختباراتهم الإيجابية للمرة الثانية في آذار (مارس). وقال الأربعة جميعاً إنهم سبق وأن أصيبوا بالفيروس وكانت فحوصهم إيجابية، ثم أُطلق سراحهم من الرعاية الطبية في الأسابيع الأخيرة بعد تحسن حالتهم وظهور نتائج فحص سلبية.
اثنان منهم من أطباء الخط الأمامي الذين أصيبوا بالمرض بعد المشاركة في معالجة المرضى في مستشفيات ووهان، والاثنان الآخران من سكان ووهان. وقد طلبوا جميعاً عدم الكشف عن هوياتهم عند التحدث إلى “الراديو الوطني العام” لأن الذين اعترضوا على طريقة تعامل الحكومة مع تفشي المرض تم اعتقالهم.
أظهر أحد سكان ووهان الذين تحدثوا إلينا أعراضاً شديدة خلال الجولة الأولى من المرض وتم إدخاله إلى المستشفى في نهاية المطاف. وأظهر المواطن الثاني أعراضاً خفيفة فقط في البداية وتم عزله في واحد من أكثر من عشرة مراكز علاج مؤقتة أقيمت في ووهان خلال ذروة تفشي المرض.
ولكن، عندما تم إجراء اختبار فيروس كورونا لكليهما للمرة الثانية يوم الأحد 22 آذار (مارس)، كشرط مسبق للحصول على رعاية طبية لمشكلات صحية أخرى غير ذات الصلة، أظهرت اختباراتهما نتائج إيجابية للإصابة بفيروس كورونا المستجد، على الرغم من عدم ظهور أي من الأعراض النمطية للمرض، مثل الحمى أو السعال الجاف، عليهما. وقد تراوح الوقت من لحظة تعافيهما وإطلاق سراحهما إلى إعادة الاختبار من بضعة أيام إلى بضعة أسابيع.
هل يمكن أن يعني هذا الاختبار الإيجابي الثاني بدء جولة ثانية من العدوى؟ يعتقد علماء الفيروسات أنه من غير المحتمل أن يصاب مريض “كوفيد-19” بالعدوى مرة أخرى بسرعة بعد الشفاء، ولكنهم يحذّرون من أنه من السابق لأوانه معرفة ذلك على وجه اليقين.
بموجب أحدث إرشاداتها للوقاية من “كوفيد-19″، لا تُدرج الصين في إحصائها اليومي لإجمالي الإصابات والحالات الجديدة أولئك الذين تعيد إجباء فحوص لهم بعد خروجهم من الرعاية الطبية. كما أن الصين لا تُضمِّن الحالات التي لا تكشف عن أعراض في إحصائيات الحالات.
يقول أحد طبيبي ووهان، والذي خضع لاختبار إيجابي ثان بعد شفائه: “ليست لدي أي فكرة عن السبب في اختيار السلطات عدم إدراج الحالات (التي لا تُظهر أي أعراض) في العدد الرسمي للإصابات. أنا في حيرة من أمري”.
الآن، يخضع هؤلاء الأشخاص الأربعة للعزل تحت المراقبة الطبية. ومن غير الواضح ما إذا كانت حالاتهم معدية أم لا، ولماذا كانت الاختبارات الثانية إيجابية بعد النتائج السلبية لاختباراتهم السابقة.
من الممكن أن يكون قد تم إعطاؤهم في المرة الأولى نتيجة اختبار سلبية خاطئة، وهو ما يمكن أن يحدث إذا كانت المسحة المستخدمة في جمع عينات الفيروس قد أخفقت في إظهار أجزاء كافية من الفيروس. وكان الطبيب لي وينليانغ، وهو الطبيب الذي قرع أجراس الإنذار من المرض وتوفي في وقت لاحق نتيجة الإصابة بالفيروس نفسه في شباط (فبراير)، قد أظهر نتائج سلبية في اختبار فيروس كورونا مرات عدة قبل تشخيص إصابته بدقة.
في شباط (فبراير)، قدر وانغ تشين، مدير الأكاديمية الصينية للعلوم الطبية التي تديرها الدولة، أن اختبارات الحمض النووي المستخدمة في الصين كانت دقيقة في تحديد الحالات الإيجابية للإصابة بفيروس كورونا بنسبة 30 إلى 50 في المائة من المرات.
وثمة نظرية أخرى تقول إنه، لأن الاختبار يضخم أجزاء صغيرة جداً من الحمض النووي، فإن الفيروسات المتبقية من العدوى الأولية يمكن أن تظهر بشكل خاطئ في القراءة الإيجابية الثانية.
وقال الدكتور جيفري شامان، أستاذ علوم الصحة البيئية في جامعة كولومبيا، لشبكة “الراديو الوطني العام” في رسالة عبر البريد الإلكتروني: “هناك نتائج إيجابية خاطئة في هذه الأنواع من الاختبارات”. وكان شامان قد شارك مؤخراً في تأليف دراسة للنمذجة، والتي تُظهر أن انتقال المرض من الأفراد الذين لم تظهر عليهم أي أعراض كان محركاً أساسياً لتفشي المرض في ووهان.
ما مدى حقيقة تعافي الصين؟
يوم الثلاثاء قبل الماضي، قالت مقاطعة هوبي، التي عاصمتها ووهان، إنها ستقوم بتخفيف إجراءات الإغلاق التي تم تطبيقها منذ أكثر من شهرين، وستبدأ في السماح للسكان بمغادرة المدن في اليوم التالي. وقالت ووهان إنها ستبدأ في رفع إجراءات الحجر الصحي والسماح للسكان بالمغادرة بعد أسبوعين من ذلك التاريخ، في 8 نيسان (أبريل).
لمغادرة ووهان، يترتب على السكان أولاً تسجيل نتيجة اختبار سلبية لفيروس كورونا، وفقاً للسلطات البلدية. وستحدد مثل هذه الفحوصات بعض ناقلي الفيروسات المتبقين الذين لا يُظهرون أي أعراض. لكن ارتفاع معدل نتائج الفحوصات السلبية الكاذبة التي استشهد بها الأطباء الصينيون يعني أن الكثيرين من المصابين بالفيروس يمكن أن يمروا من دون أن يتم اكتشافهم.
يوم الخميس الماضي، أعلنت ووهان لأول مرة منذ بدء تفشي المرض أنها لم تسجل أي حالات جديدة من الإصابة بالفيروس من اليوم السابق -وهي نقطة مفصلية في مسار الجهود المبذولة لاحتواء الفيروس في الصين. وأبلغت المدينة عن ارتفاع صفري في الحالات الجديدة للأيام الأربعة التالية.
تقييم حاملي المرض الذين من دون أعراض
لكن “كايكسين”، وهي وكالة أنباء صينية مستقلة، أفادت في وقت سابق من الأسبوع بأن مستشفيات ووهان ما تزال تشهد حالات جديدة من حاملي الفيروسات من دون أعراض، نقلاً عن مسؤول صحي قال إنه شهد ما يصل إلى اثنتي عشرة حالة من هذا القبيل في اليوم.
رداً على الاستفسارات حول كيفية إحصاء المدينة للحالات غير المصحوبة بأعراض، قالت لجنة الصحة في ووهان يوم الاثنين من الأسبوع الماضي، إنها تقوم بعزل المرضى الجدد الذين من دون أعراض في أجنحة متخصصة لمدة 14 يوماً. وقالت السلطات إنه سيتم إدراج هؤلاء المرضى في إحصائية الحالات اليومية الجديدة إذا ظهرت عليهم أعراض خلال ذلك الوقت.
وقالت اللجنة: “استناداً إلى بيانات منظمة الصحة العالمية المتاحة، تنتقل العدوى الجديدة بشكل رئيسي من المرضى الذين تظهر عليهم أعراض المرض. وبالتالي، فإن (الحالات غير المصحوبة بأعراض) قد لا تكون المصدر الرئيسي لانتقال العدوى”.
وصرح باحث في لجنة الصحة الصينية للصحفيين، اليوم الثلاثاء، إن حاملي الأعراض “لن يسببوا انتشار” الفيروس. وأوضح الباحث، زونيو وو، أن هذا يرجع إلى أن السلطات كانت تعزل الأشخاص الذين كانوا على اتصال وثيق بالمرضى المؤكدين. ولم يوضح وو كيف يمكن أن تحدد السلطات حاملي الأعراض الذين ليس لديهم اتصال وثيق بمرضى مؤكدين.
في معرض معالجة القلق العام المتزايد من المرضى الذين لا يعانون من الأعراض، حث رئيس مجلس الدولة الصيني، لي كه تشيانغ، خلال اجتماع الحكومة رفيع المستوى يوم الخميس، على أنه “يجب على الإدارات ذات الصلة… الإجابة بصدق وفي الوقت المناسب وبشكل علني” عن الأسئلة، مثل ما إذا كان هؤلاء المرضى مُعدين وكيف يمكن أن يتغير مسار التفشي.
تشير الأبحاث إلى أن الانتشار يمكن أن يكون سببه حاملو المرض الذين لا يظهرون أي أعراض. وتشير دراسات المرضى من ووهان والمدن الصينية الأخرى الذين تم تشخيصهم في وقت مبكر من تفشي المرض إلى أن حاملي الفيروس الذين لا يعانون من أعراض يمكن أن يصيبوا بالعدوى أولئك الذين على اتصال وثيق بهم، مثل أفراد الأسرة.
وقال أحد طبيبي ووهان اللذين ثبتت إصابتهما مرتين لشبكة “الراديو الوطني العام” إنه “فيما يتعلق بأولئك الذين أعيد اختبارهم وأظهروا نتائج إيجالية، فإن الموقف الرسمي للحزب هو إعلان أنه ‘لم يثبت أنهم ينقلون العدوى. وهذا ليس مثل القول بأنهم لا ينقلون العدوى”. وهو الآن معزول ويخضع للمراقبة الطبية. وأضاف الطبيب: “إذا لم يكونوا حقاً مُعدين، فلن تكون هناك حاجة لإعادتهم إلى المستشفيات مرة أخرى”.