يعكف الموساد الإسرائيلي طيلة سنواته الماضية ومنذ تأسيسه جهازًا أمنيًّا مخابراتيًّا على حماية أمن كيان الاحتلال داخليًّا وخارجيًّا، فهو الأسبق في تأمين ساعد (إسرائيل) في المنطقة، والذي أحدث خرقًا نوعيًّا في صفوف الأنظمة العربية، وأوصل قادة الاحتلال إلى مسقط رأس جديد لإدارة عمليات التطبيع وتنفيذ سياسات أكثر تطرفًا في المنطقة بحُرية ومرونة، وتتكيف خلالها مع الواقع والبيئة العربية التي تحولت منافذها خدمةً لدولة الاحتلال، كما ساهمت خلايا الموساد المنتشرة في البلدان التي تتشكل بها جماعات مناهضة لدولة الاحتلال بشكل واسع، وتتسع رقعة عمل تلك الخلايا من جمع معلومات استخبارية لتنفيذ عمليات أمنية معقدة بإسقاط شريحة واسعة من المتخاذلين في وحل التعاون الأمني، وإفشال مخططات معادية لأمن (إسرائيل)، والكشف عن معظم المهددات الخارجية التي تشكل خطرًا على المشروع الصهيوني في المنطقة.
الموساد لا يألو جهدًا ليلًا ونهارًا دون كلل أو ملل في مقاومة أخطر ما يهدد حياة الآلاف من الإسرائيليين، ويهتم بفصلٍ من فصول التاريخ الذي ألحق الكارثة بالعديد من دول العالم، ويكشف عن وجه إحدى أذرع (إسرائيل) القبيحة والمفصلية التي تمارس أقذر عمليات النهب العام على المستوى الدولي، فقد جندت تلك الخلايا قوى عملياتية لضرب الأسواق العالمية التي تعاني ركودًا اقتصاديًّا مع ما يُعرف بجائحة كورونا.
وجه (إسرائيل) لم يتغير عبر عقود من الزمن، وتستمر حلقات وحلقات من مسلسل زعزعة أمن واستقرار المنطقة منذ ولادة ونشأة الاستعمار على أرض فلسطين إلى سرقة مستقبل شعوب المنطقة العربية برمتها، ونهب النفط العربي ومقدرات الأنظمة، ليعلن الاحتلال اليوم تنفيذ الموساد عملية الاستيلاء على آلاف المعدات المخبرية للكشف عن مصابي فيروس كورونا من أسواق أوروبا الغارقة في وحل الوباء، وبؤرة تفشي الفيروس.
عشرات الآلاف من معدّات الكشف عن مصابي الفيروس أصبحت بيد الموساد، بعد تنفيذ عملية أمنية، تنافي القوانين الناظمة لنقل المعدات الطبية وفق الاحتياجات المطلوبة وما يناسب إمكانات الدول المصدرة لتلك المعدات والأجهزة، وتفتقر لها الآن مع تراجع مستوى الخدمات الصحية وزيادة أعداد المصابين والوفيات، إذ تتعاون خلايا الموساد مع مجموعات من المهربين عبر الأسواق السوداء، وهي أسواق خارج إطار القانون، لتوفير وسائل الأمن اللازمة لنقل هذه المعدات إلى دولة الاحتلال، نوعًا من الابتزاز الأخلاقي والإنساني، الذي يعبر عن دور ومكانة (إسرائيل) في المنطقة، وسياستها الوحشية، وسلوكها العنصري المتطرف الذي لا يعبر إلا عن كيان غاصب مجرم محتل لا يفقه من السياسة إلا ما يخدش الحياء وما يقتل الإنسان، وما يؤرق الشعوب ويبدد مستقبلهم، وهو أحد أهم أهداف مشروع الاحتلال على أرض فلسطين والمنطقة بأكملها.