مرَّ يوم الأرض بلا فعاليات وطنية جماهيرية بسبب كورونا. ربما تكون دولة الاحتلال سعيدة بذلك. ولكن سعادتها لن تدوم لأن ما كان يجري على الأرض في هذه الذكرى، في السنوات الخالية، يجري الآن في خواطر القلب والأفئدة. القلب الفلسطيني في البيت، وفي الحجر الصحي، وفي كل مكان. لم ننسَ، ولن ننسى المعاني التي يجددها يوم الأرض. نعم لا توجد مسيرات، ولا مهرجانات جماعية، ولكن حب الأرض موجود، ولا يمحوه احتلال، ولا كورونا أيضًا، ولا ما يجري في العالم من اهتمامات بعيدة عن أرضنا.
نحن في أيام كورونا أشد اهتمامًا بالأرض والوطن، فلو كان الوطن الفلسطيني معنا، وأرضنا معنا، لتعاملنا مع جائحة كورونا بطرق أفضل، ولما استغثنا بعالم مادي لا يسمع ولا يمنحنا بعض المساعدات لمواجهة هذه الجائحة، التي فشلت إيطاليا في مواجهتها. الوطن غالٍ، وهو كل شيء بعد الدين. نريد وطنا حرًّا لأن الوطن من الدين.
عند الشعوب التي لها وطن وأرض، ودولة، وحكومة، كما في دول أوروبية، يجد المواطن من يضع له على باب بيته طعامًا وشرابًا وفاكهة، وفيتامين ج، دون أن يسأله أحد هل أنت في حاجة لها، أم لا، ودون أن يسبق هو في الطلب بسبب الحجر الصحي. وفي فلسطين المحاصرة والمختطفة لا يجد من يطلب المساعدة من يساعده، حتى ولو كان فقيرًا وزادته كورونا فقرًا على فقر. للأسف في أيام كورونا تزايدت البطالة، وارتفع عدد الأسر المستورة، وجهات الحكم لا تقدم لهؤلاء شيئًا، والمصارف وشركات الاتصالات والجولات التي تربح ملايين الدولارات من سكان غزة لا تقدم لفقرائهم شيئًا؟! لذا نحن في حاجة للوطن. ويوم الأرض عنوان لما نريد.
نريد أن نحتفل بيوم الأرض لنحيي مطالبنا في وطننا، كل وطننا المحتل، حتى في ظل كورونا، التي تذكرنا بتداعياتها بأهمية الوطن للحياة، وفي مواجهة الأوبئة؟! وطننا الذي تفديه قلوب المؤمنين بالتحرير، وأرضنا وإن طال الاحتلال إنا لها عائدون بإذن الله، ولن تزيدنا كورونا والاحتلال إلا إيمانًا بقدر الله، وتدخله لصالح المؤمنين والمجاهدين، وصدق الله العظيم: "وإن جندنا لهم الغالبون".
مسرانا آية في كتاب الله، وشلت يمين من تآمر على قدسنا ومسرى نبينا، وأرضنا. أرضنا مباركة، باركها الله من فوق سبع سماوات، وهي مباركة أيضًا بمن في بطنها من شهداء الصحابة والمسلمين. وهي عش الأنبياء، ومهبط الرسالات، وهي من أرض المحشر والمنشر. لا تبعد عيننا عنها حتى وإن حبستنا كورونا في بيوتنا.