كما هي غزة عبر قرون من الزمن، لن تتغير أو تتبدل، فهي نافذة الخير والعطاء، وهي بوابة النصر والفداء، وهي العمق الذي تستمد منه الأمم أبهى وأسمى وأنبل القيم.. غزة التي تتوشح بالدم، وتتزين سماؤها بالصواريخ وهي تدك معاقل وحصون العدو، تذود برجالها وفتيانها ونسائها وفتياتها عن طهرها وأصالتها وعراقتها.
غزة التي أعجزت وأذهلت العدو، وأمعنت في مقاومته وأبدعت، وأسقطت عن وجهه اللثام، وأودت به إلى مهالك التاريخ وتشرذم السيرة، وتصدت لعدوانه، وسطرت أمجاداً من آي الشرف والنضال.. لن تقف غزة عاجزة أمام كل عابر محتل، أمام كل مجرمٍ غاصب، فقد مرغت أنوفهم على حدودها، وغيرت قواعد المعركة التي نسفت نظريات أمنية تغنى بها الاحتلال سنوات وسنوات، رغم ما تملكه من سلاحٍ بدائي الصنع، فهي تملك الإرادة والعقيدة وعزم الرجال ووقود الثورة والنضال..
أبدعت غزة في الوقاية من كورونا الاحتلال بمناعتها الصلبة والشرسة والفتاكة التي ولّدت مقاومين عظاما، أشداء، فرسانا، ثائرين، ألحقوا به الهزيمة والعار..
تجذرت تلك المناعة في بيت كل فلسطيني، واتُخذت سلاحاً واقياً بإيمانها الكبير بالله جل جلاله لمقاومة المصير حتى الرمق الأخير، في ظل إمكانات محدودة بدراهم معدودة.. يعكف أهل غزة على الدعاء والتضرع إلى الله أن يرفع عن الأرض هذا البلاء الذي عمّ البلاد كالنار في الهشيم.. ثقافات تتغير وتتبدل بنمط جديد بعيداً عن خمول الحياة الروتينية التي أخذت من العمر ما يكفيها.. ستنتصر غزة على الواقع بأمر الله ومشيئته، ستنتصر بصبر الصابرين، والوقاية بعد التوكل على الله، فلن يخيب الله هذا الظن الذي تحمله القلوب وتسير به في مراكبها، تلتقط رزقها وقوت يومها لتطعم من أنجبتهم أرحامها فتية الفتح ووعد الآخرة.