حين تأملت وصول وفد طبي من كوبا إلى إيطاليا للمساعدة، وجدت الأطباء ينزلون من الطائرة، آخذين كامل الاحتياطات الوقائية، في الملابس والكمامات وقفزات اليد، وكان في استقبالهم في المطار شخص إيطالي، وكان أيضًا قد أخذ كل الاحتياطات الوقائية على مستواه الشخصي، ومن هذه الإجراءات الحذرة التسليم عليهم من خلال لمس الكوع بالكوع، وعن بعد.
إنك إذا تأملت هذه المشهد المصور، يمكنك أن تستخرج منه قاعدتين للتعامل الصحيح مع الفيروس على المستوى الوقائي، وقديما قالوا الوقاية خير من العلاج. القاعدة الأولى تقول: إن كل من تقابلهم مصابون بالفيروس فاحترس؟! والقاعدة الثانية تقول اعتبر نفسك مصابًا، فاحذر أن تعدي غيرك.
هم أطباء خالون من الفيروس بالتأكيد، وقد جاؤوا للمساعدة في علاج الآخرين، ومن كان يستقبلهم كان خاليًا من المرض، فلمَ أخذ الطرفان احتياطات وقائية كاملة، ولم يسلم أحدهم على الآخر؟! في حين نحن ما زلنا نسلم، ونبوس الخدين ثلاث مرات؟!
إن كل طرف في المشهد يعتبر أن نسبة ١% من احتمال الإصابة قائم، ويجب أخذ الاحتياطات الوقائية. وازن بين هذا المشهد ومشهد أطباء أو ممرضي (جمعية الفلاح)، وهم يضعون بسطة في الشارع العام ليفحصوا المارة، دون أن يكون المارة قد أخذوا بالوقاية البتة، وهم كأطباء كانت وقايتهم ناقصة، وهذا قدم صورة مختلفة عن الوقاية للعالم، رغم حسن نية الجمعية وأطبائها، ما جعل الإعلام العبري يسخر منا، ومن علومنا الطبية، برسم كاريكاتوري يظهر الفيروس يلعب على طاولة الأطباء، وبين أيديهم.
نعم، عجلت الصحة، ووزارة الداخلية، بقمع المشهد، ومنعه، وهو تصرف عاجل صحيح علميًّا، ولكن صورة ضعفنا في الوقاية ستبقى في الذاكرة، وعلى صفحات جوجل. وهنا أود أن أقول للشعب: أنصح بالتمسك بالقاعدتين التي ذكرتهما آنفًا: (الكل مريض في نظرك، وأنت قد تكون مصابًا أيضًا) فالحذر الحذر. ويبدو أن دولة الصين قد أخذت بهاتين القاعدتين، ما ساعدها في تجاوز مشكلات كورونا بشكل جيد، في حين أهمل سكان إيطاليا هاتين القاعدتين فتفشى فيهم كورونا، وقتل منهم من قتل. جدير بسكان غزة، والضفة، والبلاد الأخرى أن يأخذوا بالقاعدتين المذكورتين، ولا يركنوا إلى الأقوال التي تؤكد، وهذا من فضل الله، خلو غزة من الفيروس، لأن الفيروس قد يأتي من باب الإهمال والاستهتار، الذي يسكن كثيرًا من شبابنا. رحم الله رجلًا دفع الضر عن نفسه وعن غيره بالأخذ بالوقاية على وجهها ما أمكن، حبًّا لله، واتقاء لغضبه.