في الإسراء والمعراج آية للعالمين. سبحان الذي أسرى بعبده ليلًا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى. ولا يقال (سبحان) إلا لله جلّ في علاه. فلم يؤثر عن شاعر، أو منتفع، أو متزلف، أن قال لملك أو رئيس سبحانك، فكلمة التنزيه هذه اختص بها الله وحده.
كان الإسراء آية أرضية معجزة، تحدّى الله بها قريش ومن حولها. هم أنكروها لأنهم أجروا عليها أحكام العقل. فقالوا نضرب للأقصى أكباد الإبل شهرًا غدوًا، وشهرًا رواحًا، وأنت تزعم أنك أتيته في ليلة واحدة؟! هم كانوا صادقين مع أنفسهم في قياسهم العقلي، ولكنهم كانوا مخطئين في القياس الإيماني واللغوي. فرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقل لهم (سريتُ) أي بقوّتي، وإنما قال لهم (أسري بي) أي بقوة الله، التي لا يحدها زمان ولا مكان. وحين قالوا لأبي بكر ما قالوا، قال بلغة الإيمان: إن كان قد قال فقد صدق.
نحن الآن أمام آية في انتشار فايروس كورونا، حيث ألزم فايروس حقير جل الخلق لزوم بيوتهم، وفرض منع التجول عليهم، وهذه الآية لا يمكن للبشر صناعتها، ونشرها، ولكن خالق البشر هو من يمتحن بها عباده الآن. وهذا يتطلب مواجهة الامتحان بقوة العقيدة، وتطبيق تعليمات الأمن الصحي والسلامة، بنية طاعة الله، قبل طاعة إرشادات الصحة.
وبمناسبة كورونا من ناحية، ومناسبة الإسراء الذي جمع بين مكة والقدس من ناحية أخرى، أجد نفسي مقاربا لطلب إسماعيل هنية من السلطات السعودية أن يتكرم الملك وولي عهده بالإفراج عن الفلسطينيين المعتقلين المتهمين بمساعدة حماس، أو الجمعيات الخيرية في غزة. في ظل جائحة كورونا فإن الإفراج عنهم يحفظ لهم حياتهم، ويجعلهم هم المسئولون عنها، وبهذا تتخلّص المملكة من المسئولية. وفي ظل ذكرى الإسراء والمعراج فإن كرم المملكة كبير، وقد عرفه شعب فلسطين، والإفراج عنهم وفيهم القريب والصديق والجار، هو امتداد للأخلاق السعودية في تعاملها مع فلسطين.
الإسراء ربط بين الحرم والأقصى، وبين شعب المملكة وشعب فلسطين، ورجال فلسطين نشامى، قدموا خيرا للمملكة، ولم ينحرفوا عن تعليمات الدولة، ومن الجدير أن تبقي قيادة المملكة على هذه الروابط الإيمانية، والأخوية، والعربية، والجغرافية. وستكون فلسطين ممنونة للملك إذا ما أصدر أوامره بالإفراج عنهم جميعًا، بمناسبة الإسراء، وإخلاء للمسئولية من جائحة كورونا. حفظ الله المملكة، وحرر الله أبناءنا وإخواننا.