قد تكون الضفة الغربية الحالة الوحيدة في العالم التي تختلف عن بقية مناطق العالم، من حيث وجود مستوطنات للاحتلال، ثبت وجود حالات مصابة بفيروس كورونا فيها، وهي أيضا تتلامس مع دولة الاحتلال بمعابر ومعازل وحواجز اجبارية بحكم الاحتلال، فكانت مختلفة في كيفية التعامل مع انتشار فيروس كورونا قياسا ببقية دول العالم.
واضح جدا أن انتقال الفيروس كان من الخارج وانتقل للضفة الغربية، ووصل حتى الآن محافظات: طولكرم، نابلس، رام الله، الخليل، بيت لحم، سلفيت، ووصل عدد الحالات المصابة بحسب وزيرة الصحة مي كيلة، 52 مصابا، تعافى منهم 17 ليبقى العدد 35 مصابا بعد تسجيل 4 حالات جديدة فجر أمس، والمصابون الأربعة الجدد 3 منهم من رام الله، وواحد من الخليل.
من المؤسف عدم وجود تسابق على إيجاد اللقاح المضاد لفيروس كورونا، لكن لا أحد يلوم الضفة أو غزة، لأن الوضع تحت احتلال، لكن يلوم دولا عربية وإسلامية غنية تتفرج على دول الغرب وهي تتسابق لإيجاد اللقاح.
لم تخرج الضفة من حالة المناكفات حتى في التعامل مع فيروس كورونا، فقد لوحظ أن بعض حديث الشارع ومواقع التواصل كان شديدا جدا وفيه كم كبير من اختلاق القصص والحكايات والفبركات في حالة المصاب بكورونا من بلدة قراوة بني حسان غرب سلفيت، وهذا لم يحدث مع غيره ممن أصيبوا سابقا، رغم أن محافظ سلفيت أكد أنه لم يطلب من المصاب الحجر على نفسه وهو لم يكن يعلم أصلا أنه مصاب، وأن الإصابة جاءت بعد اختلاطه بمصاب على الجسر في الحافلة قبل أيام دون علمه.
رأينا من خلال مواقع التواصل أن العقلانية سارعت للطلب بعدم نشر أو نقل أخبار كورونا إلا من جهات رسمية معتمدة، فقد كاد الإعلام ينهار أمام كثرة نشطاء الـ"فيس بوك" الذين نشروا معلومات خاطئة عن مصاب قراوة بني حسان وانتشرت كالنار في الهشيم.
في كل الأحوال ما زالت حالة الضفة لا يعرف إلى أي مدى ستذهب، ومن المبكر جدا القول بالانتصار على فيروس كورونا، فما زال ينتشر بحالات جديدة، وما زال المستوطنون يحتكون بمواطنين فلسطينيين على المعابر أو الحواجز أو حتى على مفارق الطرق، أو من خلال العمل في المستوطنات، وتم إغلاق محلات تجارية بسلفيت تعاملت مع مستوطنين بالتجارة، وقد تغلق محلات أخرى بمحافظات عديدة.
قياسا على غزة الخالية من فيروس كورونا، فقد ثبت بالفعل أن الفيروس أتى للضفة من الخارج، وما دامت غزة تحجر على القادمين من الخارج بشكل إجباري فإن هذا معناه بقاء خلوها من فيروس كورونا.
من مشاهد الضفة أن الحركة بين المدن والقرى والبلدات ما عادت كالسابق، وصار حديث الناس بنسبة 99% هو عن فيروس كورونا، والكل يترقب كم عدد المصابين وأين انتشر، وأي منطقة، فالكل في حالة ترقب وحذر ومتابعة لآخر أخبار فيروس كورونا.
في المحصلة، غدا ستنتهي محنة وحالة كورونا، وستعود الحياة إلى طبيعتها، لكن حتى تلك اللحظة، يجب إدارة المعركة باقتدار مع كورونا بشكل علمي وصحيح، ولا مكان للتهاون مع الالتزام بالتعليمات التزامًا حديديًّا، ودرهم وقاية خير من قنطار علاج، والله لن يترك عباده المؤمنين وحدهم.