رغم الانشغال الإسرائيلي الكبير، والمخاوف المتنامية، من تفشي وباء الكورونا، لكن أوساطا إسرائيلية باتت ترى أن هذه الأزمة قد تشكل فرصة تاريخية لترميم العلاقات بين إسرائيل والفلسطينيين، وأن هذا التحدي العالمي من الوباء قد يعد إمكانية لاستئناف الاتصالات بين الجانبين، لاسيما وأن هناك تنسيقا عالي المستوى بين الجانبين لمواجهة أزمة انتشار كورونا في المناطق الفلسطينية، مما قد يساهم في تخفيف حدة التوتر بينهما، للحفاظ على الهدوء الأمني.
للوهلة الأولى، فإن توقيت ظهور أزمة كورونا يعتبر الأكثر إشكالية للعلاقات الفلسطينية الإسرائيلية، فانتشار الوباء جاء في وقت تشهد فيه علاقات الجانبين توترا هو الأقسى منذ زمن طويل، لا سيما بالتزامن مع إعلان صفقة القرن، وقطاع غزة يشهد هدوءا هشا، وليس هناك من ضمانات لاستمراره فترة من الزمن.
مع مرور الوقت، ترى أوساط إسرائيلية أن التهديد المشترك الذي يواجه الجانبين، الإسرائيلي والفلسطيني بسبب أزمة كورونا، قد يشكل في الوقت ذاته فرصة مشتركة، لأن استمرار تفشي هذا الوباء يدفع للأمام استئناف الاتصالات بينهما، خاصة في الضفة الغربية وقطاع غزة، لا سيما في المجالات المدنية والاقتصادية.
ما من شك أن الفلسطينيين مرتبطون بإسرائيل من جهة العمل والحركة والمساعدات، والعمالة الفلسطينية مهمة جدا لاستمرار الدورة الاقتصادية في إسرائيل، والجانبان يعيشان حالة من القلق والهواجس المتزايدة من إمكانية إغلاق مفاجئ وشامل للحدود بينهما، مما سيترك خلفه العديد من التبعات الاستراتيجية بعيدة المدى، خاصة مع إمكانية صدور قرار إسرائيلي فلسطيني بمنع دخول قرابة الـ120 ألف عامل فلسطيني من العمل في إسرائيل والمستوطنات في الضفة الغربية.
مثل هذا القرار سوف يتسبب بتعكير صفو حياة الفلسطينيين على الصعيد المعيشي، ما سيعتبر سببا رئيسا لإمكانية تهديد الهدوء الأمني النسبي في الضفة الغربية، وهذه القناعة مستمرة وعميقة في ذهن صاحب القرار الإسرائيلي، الذي يمتنع حتى الآن عن فرض قيود كاملة على الحدود المشتركة بين الضفة الغربية وإسرائيل، وعدم إنهاء أي علاقات اقتصادية مدنية معها.
في قطاع غزة، يبدو الوضع أكثر تعقيدا، رغم أنه لم يتم الإعلان عن وجود أي حالة لوباء كورونا هناك بعد، رغم أن مستوى القلق والمخاوف لدى الجمهور الغزي كبير ومتنامٍ، اعتقادا منهم بأن القطاع ليس لديه الإمكانات الصحية والقدرات الطبية اللازمة لمواجهة أي انتشار للوباء.
أزمة كورونا، وفق التصور الإسرائيلي قد تسفر عن جملة من الفرص الممكنة، أولها توثيق اتصالات الجانبين، الفلسطيني والإسرائيلي، حتى لو اقتصرت على المسائل المدنية والصحية، لتخفيف حدة أي توتر عنيف على المدى القريب، سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة.