لم يبق على صنوف القهر والألم على أسرانا إلا هذه ، لقد اجتاحتهم فنون هذا المحتل الغاشم بكل ألوانها ، الزجّ في السجون بأعداد كبيرة ولفترات طويلة مبالغ فيها نسبة لما حوكموا عليه، بل إن الآلاف دخلوا وخرجوا دونما أفعال تستحق هذا السجن مثل المعتقلين الإداريين ومثل من حكمتهم محاكمهم العسكرية بأحكامهم القاسية أضعافا مضاعفة عن الوضع الطبيعي في كل دول العالم ، ثم وضعوا في سجون وفي ظروف معيشية في أشدّ درجات القسوة : الاكتظاظ وضيق التهوية والتغذية السيئة والعلاج الذي لا يعالج سقيما ولا يشفي مريضا بل الإهمال المتعمّد الذي أودى بحياة عشرات الاسرى، وعدم مراعاة خصوصية الاسرى الأطفال والنساء والمسنين ، والقائمة طويلة التي شكّلت تجاوزات خطيرة لكل الحقوق الإنسانية لأسرانا في السجون.
واليوم تضاف جائحة جديدة مع انتشار فيروس الكورونا عالميا وبلوغ درجة الخطورة في دولة الاحتلال مما ينذر بخطر داهم يهدّد حياة أسرانا، ومكمن الخطر هنا هو ترك أسرانا في مهب ريح هذا الفيروس دون الاحتياطات المطلوبة بالإضافة الى وجودهم في السجون أصلا بطريقة مكتظة تشكل محضنا سهلا لهذا الفيروس.
وهنا أيضا يبرز التمييز العنصري حيث تطلق دولة الاحتلال أعدادا كبيرة من المساجين الجنائيين لديها، هؤلاء مارسوا الجريمة بينما أسرانا هم أسرى سياسيون، أسرى حرب بين احتلال وشعب محتل لا يقارنون بأي حال من الأحوال مع مساجينهم، فتقوم هذه الدولة المارقة بالافراج عن الذي مارس الجريمة وتترك من ينشد الحرية لشعبه ويقاوم ظلمهم وطغيانهم، لا عجب لأنه في الأصل كيان قام على العنصرية وتمييز جنسه عن أصحاب الحق ومن يمتلكون شرعية وجودهم على هذه الأرض.
فالمطلوب الطبيعي خاصة في ظلّ وباء عالمي وعرف ثقافي أصبح معروفا عالميا بعدم تجمّع الناس في أماكن مغلقة وسجونهم معروفة بانها أشد الاماكن ضيقا، المطلوب هو اطلاق سراح الاسرى جميعا، وإن كان ولا بدّ فاطلاق كل من لا يحمل تهمة ولم يقم عليه دليل وسجن بطريقة تعسفية وما أكثر هؤلاء، الاسرى الإداريون والأسرى المعروفون بأسرى صفقة وفاء الاحرار الذين أعيد اعتقالهم ظلما وتعسّفا، والأسرى المعروفون بالدفعة الرابعة وكلهم مسنون وقد تجاوزوا الربع قرن في السجون والأسرى المرضى والمسنون والاسيرات والأطفال.. وقد جرى مثلا سابقا بما عرف بمضاعفة " المنهلي: وهو إجازة الأسير السنوية" بسبب اكتظاظ السجون، اليوم السجون مكتظة كثيرا ومن مقتضيات محاصرة هذا الفيروس التخفيف كثيرا من هذا الاكتظاظ.
لو كانت دولة تحترم نفسها أو ترى أن لها مضمونا حضاريا يمكنّها من البقاء على قيد الحياة لفترة أطول لما توانت لحظة أمام هذا الوباء الذي يجتاح أغلب دول العالم ويجتاحها من أن تطلق سراح الاسرى وأن لا تستمرّ في طغيانها وتعريض حياة عدة الاف لهذا الخطر الداهم، هؤلاء هم أبطال ورموز ورجال لهم الوزن الكبير عند شعبهم وإن تعريضهم لهذا الخطر بهذا الشكل البشع ما هو الا جريمة مع سبق الإصرار ترتكبها دولة الاحتلال تضاف إلى جرائمهم السابقة.