ماذا يعني تكليف غانتس بتشكيل الحكومة الجديدة في دولة الاحتلال؟! الأمر عندهم في الأحزاب الإسرائيلية قد يعني الكثير: قد يعني سقوط نجم نتنياهو إلى الأبد. ويعني أن فرحة نتنياهو بالفوز لم تحمله لكرسي تشكيل الحكومة الجديد، وهذا يولد لديه كآبة على المستوى الشخصي والحزبي. ويفتح باب الملاحقة القضائية على مصراعيه. نتنياهو الآن في تصوري يصب غضبه على ليبرمان الذي انتقم منه بتأييد غانتس لتشكيل الحكومة. ليبرمان صانع الملوك كما تسميه الصحف العبرية، ينتقم، ويسترد كرامته التي أهدرها نتنياهو. لولا ليبرمان ما حصل غانتس على 61 صوتا مؤيدا.
إسرائيل انقسمت الآن عموديا إلى قسمين، قسم اليسار ويسار الوسط، وتأييد ليبرمان لهما كراهة بنتنياهو والحريديين وليس حبا وقناعة بغانتس والوسط، والعرب. المهم عنده إسقاط نتنياهو، ليس إلا. وقسم يضم الليكود، وبقية أحزاب اليمين والمتدينين، وأحزاب اليمين والمتدينين أشد رفضا لغانتس من الليكود، لذا رفضوا دعوته للاجتماع بهم. وسنشهد لاحقا مزيدا من التمزقات الحزبية والدينية عندهم.
ما هو مهم عندهم، وله تداعياته على أحزابهم ومجتمعهم، لا يكاد له تأثير يذكر عندنا في الأراضي المحتلة، فلن يغادر غانتس الاحتلال، وسينفذ صفقة القرن عند أول فرصة ممكنة، وربما يرفع صوت تهديده لغزة، بحكم طبيعته العسكرية، ولن يوفر فرصة جيدة لعباس للعودة للمفاوضات، وعلى عباس ألا يرفع سقف توقعاته.
إن حكومة بأغلبية صوت واحد لا تعيش طويلا، وستبقى تحت تهديد سحب الثقة في البرلمان، وهي حكومة لن تستطيع أخذ قرارات كبيرة، وسيتجه الجمهور إلى انتخابات رابعة، رغم رفض رئيسهم لها الآن. قد تتشكل الحكومة في ظل تهديد كورونا، ولكن عمرها بالتأكيد سيكون قصيرا، ما لم تنضم إليها مجموعة من اليمين المتدين مثل شاس، أو يهود هاتوراة.
حكومة غانتس حكومة أقلية، وحكومة كورونا، أي حكومة مريضة، بمرضين متلازمين، وهي حافة هاوية، كما أن الحالة الصحية قد تتدهور عندهم، لتلحق دولتهم بإيطاليا، التي فقدت القدرة على السيطرة على مرض كورونا، حتى قال كتاب المقالات في صحفهم نحن لا نملك جاهزية لمواجهة الوباء. هذه الدول التي تعرض نفسها على أنها قوية عسكريا واقتصاديا وصحيا، فضحها فيروس كورونا، وأذلها الله بكشف ضعفها وهزالها، وتصعيد الأدلة الكونية على عظمة الله وقدرته، وعلى المشككين بزوال الاحتلال أن يراجعوا حالهم، فالله عزيز لا يغلب، وقد امتحن العالم بفيروس صغير، ليزيد إيماننا بزوال الاحتلال رغم ظلماء السياسة.