حالة من التناقُض أظهرها رئيس حكومة رام الله محمد اشتية حين طالب سلطات الاحتلال الإسرائيلي بالإفراج عن جميع الأسرى، خاصة المرضى منهم والمصابين بالأمراض المزمنة والأطفال حفاظاً على أرواحهم في ظل تفشي فيروس كورونا، في حين تواصل حكومته اعتقال عشرات المعتقلين السياسيين.
ويشكل وجود المعتقلين السياسيين في سجون السلطة الفلسطينية بمدن الضفة الغربية المحتلة، خطراً على حياتهم في ظل تفشي انتشار فيروس كورونا المستجد وإعلان حالة الطوارئ.
وكان اشتية وجه في تصريح صحفي له أول من أمس رسالة إلى هيئة الصليب الأحمر الدولية لمطالبتهم بالعمل على الإفراج عن الأسرى وضمان سلامة المحكومين في سجون الاحتلال، والتأكد من مراعاة إدارة السجون إجراءات السلامة العامة لحماية أسرانا، خصوصا الحد من حالة الاكتظاظ في هذه السجون.
ورغم انتشار فيروس كورونا، لم تتوقف الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية الملاحقات السياسية في الضفة الغربية واعتقالاتها للمواطنين على خلفية سياسية، بحسب لجنة أهالي المعتقلين السياسيين في الضفة.
ومع بداية العام الجاري 2020، اعتقلت أجهزة السلطة استدعت العشرات من المواطنين على الأقل، على خلفية سياسية، إضافة لاقتحام 14 عشرات البيوت بشكل غير قانوني.
هيام حمدان، والدة المعتقل السياسي لدى السلطة الفلسطينية عبد الرحمن حمدان، تؤكد أنّ حالة من الخوف الشديدة تسيطر على عائلتها بسبب استمرار اعتقال ابنهم في ظل انتشار فيروس كورونا، وعدم وجود نية لدى السلطة في إطلاق سراحه.
وتقول حمدان في حديثها لـ"فلسطين": "الأولى من اشتية أن يقوم بإطلاق سراح ابني حفاظاً على حياته كما طالب من سلطات الاحتلال الإسرائيلي إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين في السجون خوفاً من كورونا".
وتضيف حمدان: "السلطة تستمر باعتقال ابني وهذه المرة تم اعتقاله منذ 20 يوماً، وهي المرة التاسعة التي يتم فيه سجنه من قبل جهاز المخابرات وتوجيه تهم غير قانونية له".
وعبرت والدة المعتقل السياسي عبد الرحمن عن قلقها من عدم تمكنها من زيارة ابنها المعتقل في سجون السلطة بسبب عدم السماح لها بالزيارة أو حتى الاتصال عليه للاطمئنان عليه في ظل انشتار فيروس كورونا في الضفة الغربية.
الباحث القانون في مؤسسة "محامون من أجل العدالة "، والمتابع لملف الاعتقالات السياسية ظافر صعايدة، يؤكد أن دعوة رئيس حكومة رام الله اشتية لدولة الاحتلال لإطلاق سراح الأسرى في سجونه، تعد دعوة متناقضة، خاصة أن السلطة ترفض إطلاق سراح المعتقلين السياسيين.
وقال صعايدة في حديثه لـ"فلسطين": "في ظل إعلان السلطة حالة الطوارئ لمواجهة فيروس كورونا المستجد، يتوجب عليها الافراج عن المعتقلين السياسيين دون استثناء مهما كانت الظروف".
وأضاف صعايدة: "حفاظاً على سلامة المعتقلين المتواجدين لدى السلطة السياسيين وحتى الجنائيين الذين لا يشكلون خطراً في حالة، يجب الإفراج عنهم خاصة مع انتشار الفيروس".
ويعد الإفراج عن المعتقلين السياسيين من قبل السلطة الفلسطينية، حسب حديث صعايدة، مطلباً وطنياً.
وبين صعايدة أن السلطة الفلسطينية رغم انتشار فيروس كورونا المستجد إلا أنها لاتزال تواصل اعتقال الشبان على خلفيات سياسية.
من جانبها، قالت حركة الأحرار الفلسطينية: إنها تابعت باهتمام بالغ مطالبة اشتية للاحتلال الإسرائيلي بإطلاق سراح كافة الأسرى من سجونه نتيجة تفشى وباء كورونا.
وقالت في بيان لها: "أيضاً ندعو السلطة ومن باب أوجب إلى إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين من سجونها والتوقف التام عن هذه الاعتقالات المشينة".