فلسطين أون لاين

لاون: أرسم بـــ"حبات الزيتون" لإيصال رسالة عن "فلسطينيتي"

...
الناصرة / غزة - مريم الشوبكي

ابتكرت الرسم بحبات الزيتون، فأنتجت لوحاتٍ فنية تؤكد تجذر شعبها في أرضه كما هي جذور زيتونه، كما برعت في رسم ملامح ضحايا الكهرباء من الأطفال في غزة بالشمع، قالوا عنها إنها ليست مجرد رسامة بل إنسانة بلوحاتها.

الفنانة "أريج لاون" لا ترسم من أجل أن تلفت النظر لموهبتها، بل من أجل أن توصل رسالة سامية عن "فلسطينيتها"، تريد أن يكون لها بصمة خاصة بالفن وليست رقماً في عالم الرسم، بل في كل يوم تبتكر أسلوباً جديداً.

موهبة ومهنة

تحدثت لاون لـ"فلسطين" عن موهبتها المميزة في الرسم، وقالت: "حدثَ ذلك حين اكتشفت معلمة الروضة موهبتي في الرسم وذلك في الرابعة من عمري، وطلبت من والدي الاهتمام بموهبتي، ومن هنا بدأ بتشجيعي على الرسم".

لاون فنانة في الــــ 25 من عمرها نشأت في مدينة الناصرة، درست تخصصين مختلفين وهما الرياضيات والفنون، وأصبحت مدرسة رياضيات وفنون أيضاً، ولها مَرسمٌ تدرب فيه الموهوبين على الرسم في عمر خمس سنوات حتى 18 عاما.

وأضافت: "كأي طفلةٍ كنتُ أرسم الأطفال واللوحات التي بها حس الأمومة، لكن بعد الجامعة قررتُ أن أقيم خطاً لنفسي في الفن ليس فيه تقليدٌ لأحد، وهنا وجدتها مصادفة أثناء تحضير عائلتي لتخزين الزيتون، وبدأت بدق حبات الزيتون، ولاحظت أن الزيت المتطاير منها ينتج بقعا على ملابسي".

وتابعت لاون: "من هنا تساءلت في نفسي: لماذا لا أستخدم حبات الزيتون في الرسم، وكنت مهتمةً بأن أرسم لوحات بالزيتون وبالفعل نفذت الفكرة ورسمت الكثير من اللوحات، سيما أن الزيتون يرمز لفلسطين ولصمود شعبها وقيام المستوطنين، ولم تقف عند اللوحات بل صنعت أشكالاً من الزيت داخل الماء".

سحرها الرسم

وبينت أنها أيضاً رسمت بالشمع، فقبل عام تقريباً رسمت لوحة لطفلة لترمز بها إلى قضية انقطاع التيار الكهربي في غزة، بهدف إيصال رسالة معاناة الأطفال الذين يموتون حرقاً جراء الشموع.

وأكدت لاون أنها لا ترسم كي تلفت النظر للوحاتها، بل ترسم لهدف ولإيصال رسالة ما معينة، وحتى يكون لها بصمة في عالم الفن، لافتة إلى أنها ابتكرت لوحات باستخدام المغناطيس والحديد، وذلك لإيصال رسالة انسانية تستقيها من مجتمعها الفلسطيني.

تنحدر لاون من عائلة موسيقية فوالدتها وإخوتها يعزفون، جذبت إلى العزف بحكم أنه التعود، ولكن الرسم سحرَها وكان أقوى وجذبها ناحيته.

تتحدث لاون عن ذلك: "أحبُ العزف لكني اخترت الرسم، أشعر أنه عالم خاص بي، أحس بالراحة حينما أرسم؛ أذكر أني كنت أرسم حتى أثناء تقديمي للامتحانات الجامعية، اعتقد أني ولدت كي أرسم وأدافع عن قضيتي العادلة، وواجبٌ علي أن أدافع عن شعبي بالرسم، فالفن هو سلاح انساني للدفاع عن الحق".

وعن تطوير موهبتها في الرسم، أجابت لاون:" والداي كانا أكبر داعمين لي في الاستمرار بموهبة الرسم، وكانا يتطلعان إلى الحاقي بدورات لتعلم أساسيته ولكن قبل عشر سنوات لم يكن ذلك متوفراً مثل الآن، لذا كنت أتعلم عن طريق الانترنت وأطور نفسي بنفسي، حتى درسته في الجامعة".

ومضت في حديثها: "اهتمام والدي بموهبتي وصل إلى أن يأخذ إجازة من العمل كي يصطحبني للمشاركة في المعارض الخارجية، كما خصص لي طابقا في البيت وحوله لمرسم كي أرسم وأعلم الرسم فيه".

وتتجه "لاون" حالياً لتدريب الموهوبين الرسم، ولا تبخل عليهم منحهم خبراتها بالفن، حيث إنها في مثل عمره حرمت من فرصة الالتحاق بأي دورات لتنمية موهبتها.

تشجيع وانتقاد

حققت الفنانة لاون انتشاراً كبيراً على صعيد الوطن وخارجه، وباتت معروفة بانفرادها بالرسم بحبات الزيتون، فماذا تشعر حيال ذلك، تقول: "أشعر أنني حققتُ أمراً ايجابياً في حياتي، لذا أشعر بمسئولية كبيرة ملقاة على عاتقي لكي أقدم المزيد في فني حتى تصل رسالتي لأبعد من محيطي إلى العالم بأسره".

وعن قدوتها في الفن، أشارت إلى أنها تأثرت في بدايتها بالفنانين الفلسطينيين سليمان منصور، ونبيل عناني، وحبها لفنيهما، ومن ثم قررت أن تبتعد عن التقليد وأن ترسم خطاً مميزاً لها تترك فيه بصمة تختلف عن الموجود والمألوف.

كل نجاح يمكنه الناس بكلمات إيجابية لدعمه، وهناك من يرميه بكلمات محبطة ليهز ثمار شجرة نجاحه، قالت لاون :" لاقت الكثير من كلمات الإعجاب والتشجيع من الأقارب وأناس لا أعرفهم من فلسطينيين وعرب وأجانب حتى، يحثونني على الاستمرار في الرسم، وأجمل ما قيل لي أنني لستُ رسامة؛ بل فنانةٌ لوحاتي تحمل معاني إنسانية".

وأضافت : " أثناء دراستي للفنون في الجامعة اليهودية كنت أتلقى ردود فعل سلبية من قبل المحاضرين فيها ينتقدون رسمي للصور؛ على صعيد صمود شعبي والدفاع عن قضية أجدادي، ولكني لم أكن أعير أي اهتمام لانتقاداتهم، لإيماني بأني على حق لأني أدافع عن قضية أجدادي".

وعن أقرب اللوحات إلى قلبها، نوهت إلى أنها تشعر بأن جميع لوحاتها مثل "أولادها" ترى فيهم مراحل تطورها في الفن.

وشاركت لاون في العديد من المعارض المحلية والدولية أيضا ممثلة عن الشعب الفلسطيني، حيث شاركت بمعرض في المغرب وعرضت لوحاتها بالزيتون كما رسمت بشكلٍ مباشر به، كما شاركت في معرض بمناسبة الأسبوع الثقافي الفلسطيني في موسكو.